مسألتان
١ ـ وحدة القيادة
في الآية الأولى ـ مورد البحث ـ قرأنا قوله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً) ولكننا لم نفعل مثل هذا ... ومن المسلّم أن علة ذلك لأن الأنبياء قادة الأمم ، ونعلم أن التعدد في مسألة القيادة يؤدي إلى إضعاف كل أمّة وشعب ، خاصّة وأنّ الكلام هنا عن خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويجب أن تستمر هذه القيادة حتى نهاية العالم. لذا تتّضح ـ أكثر ـ أهمية التمركز والوحدة في القيادة.
القائد الواحد يستطيع أن يوحد جميع القوى ، ويمنحها الانسجام والوحدة.
وفي الحقيقة فإن مسألة وحدة القيادة انعكاس لحقيقة التوحيد في المجتمع الإنساني ، ويكون في النقطة المقابلة ظواهر الشرك والتفرقة والنفاق.
وما ورد في الآية (٢٤) من سورة فاطر : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) فليس ثمّة منافاة مع البحث أعلاه ، لأن الكلام فيها عن الأمة ، لا أهل كل مدينة وكل بلد.
فلو أغمضنا النظر عن مقام الأنبياء ، فإنّ هذا الأصل صحيح أيضا حتى في أدنى مستويات القيادة ، والشعوب التي صارت أسيرة التعدد في القيادة ، انتهت إلى التجزئة في سائر شؤونها ، فضلا عن الضعف والعجز.
٢ ـ القرآن وسيلة الجهاد الكبير
«الجهاد الكبير» تعبير بليغ عن أهمية منهج الكفاح الرّباني البنّاء.
الملفت للانتباه في الآيات أعلاه ، هو أنّ هذا العنوان قد أعطي للقرآن ، أو بعبارة أخرى : للأشخاص الذين يجاهدون بالقرآن مظاهر الضلال والانحرافات والتلوثات.
هذا التعبير يبيّن المواجهات المنطقية والعقائدية من جهة ، ويكشف عن