سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ، وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً).
كما مرّ بنا في الآية الماضية ، ففي الوقت الذي ذكرت ثلاثة ذنوب هي من أعظم الذنوب ، تركت الآية باب التوبة مفتوحا أمام هؤلاء الأشخاص ، وهذا دليل على أن كل مذنب نادم يمكنه العودة إلى الله ، بشرط أن تكون توبته حقيقية ، وعلامتها ذلك العمل الصالح (المعوّض) الذي ورد في الآية ، وإلّا فإن مجرّد الاستغفار باللسان أو الندم غير المستقر في القلب لا يكون دليلا على التوبة أبدا.
المسألة المهمّة فيما يتعلق بالآية أعلاه هي : كيف يبدل الله «سيئات» أولئك «حسنات»؟
* * *
تبديل السيئات حسنات :
هنا عدّة تفاسير ، يمكن القبول بها جميعا :
١ ـ حينما يتوب الإنسان ويؤمن بالله ، تتحقّق تحولات عميقة في جميع وجوده ، وبسبب هذا التحول والانقلاب الداخلي تتبدل سيئات أعماله في المستقبل حسنات ، فإذا كان قاتلا للنفس المحترمة في الماضي ، فإنّه يتبنى مكانها في المستقبل الدفاع عن المظلومين ومواجهة الظالمين. وإذا كان زانيا ، فإنّه يكون بعدها عفيفا وطاهرا ، وهذا التوفيق الإلهي يناله العبد في ظل الإيمان والتوبة.
٢ ـ أن الله تبارك وتعالى بلطفه وكرمه وفضله وإنعامه يمحو سيئات أعمال العبد بعد التوبة ، ويضع مكانها حسنات ، نقرأ في رواية عن أبي ذر : قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا صغار ذنوبه ، وتخبأ كبارها ، فيقال : عملت يوم كذا وكذا ، وهو يقرّ ليس بمنكر ، وهو مشفق من الكبائر أن تجيء ، فإذا أراد الله خيرا قال : أعطوه مكان كل سيئة حسنة ، فيقول : يا ربّ لي ذنوب ما رأيتها ها هنا؟» قال : ورأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ضحك حتى بدت نواجذه ،