٢ ـ كيفية اللعان
توصلنا بعد الإيضاحات التي ذكرناها خلال تفسير هذه الآيات ، إلى وجوب تكرار الرجل شهادته أربع مرات ليثبت صحة دعواه في اتهامه لزوجته بالزنا ، ولينجو من حدّ القذف. وبهذا فإن هذه الشهادات الأربع من الزوج بمثابة أربعة شهود ، وفي الخامسة يتقبل لعنة الله عليه إن كان كاذبا.
ومع الالتفات إلى أن تنفيذ هذه الأحكام يتم عادة في محيط اسلامي ملتزم وبيئة متديّنة ، ويرى الزوج نفسه مضطرا للوقوف بين يدي الحاكم الشرعي ، ليدلي بشهادته أربع مرات بشكل حاسم لا يقبل الشك والترديد ، وفي الخامسة يطلب من الله أن يلعنه إن كان كاذبا ، فهذا كله يمنع الرجل من التهوّر وتوجيه اتهام باطل إلى زوجته.
أمّا المرأة التي تريد الدفاع عن نفسها وترى نفسها بريئة من هذه التهمة ، فعليها تكرار شهادتها أربع مرات وتشهد أن التهمة باطلة ، لإيجاد موازنة بين شهادتي الرجل والمرأة ، وبما أن التّهمة موجهة للمرأة ، فإنّها تدافع عن نفسها بعبارة أقوى في المرحلة الخامسة ، حيث تدعو الله أن ينزل غضبه عليها إن كانت كاذبة.
وكما نعلم فإنّ «اللعنة» ابتعاد عن الرحمة.
وأمّا «الغضب» فإنّه أمر أشد من اللعنة ، لأنّ الغضب يستلزم العقاب ، فهو أكثر من الابتعاد عن الرحمة.
ولهذا قلنا في تفسير سورة الحمد : إنّ (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) هم أسوأ من (الضَّالِّينَ) على الرغم من أنّ الضالّين هم بالتأكيد بعيدون عن رحمة الله تعالى.
٣ ـ العقاب المحذوف في الآية :
جاءت الآية الأخيرة ـ ممّا نحن بصدده ـ جملة شرطية لم يذكر جزاءها