البحر الأحمر قطعا ، بل ألقته في النيل طبقا لما تذكره التواريخ ، فيعلم أن غرق فرعون وقومه كان في النيل «فلاحظوا بدقّة».
٢ ـ كيفية نجاة بني إسرائيل وغرق فرعون وقومه
هناك بعض المفسّرين ممن لا يميل إلى كون نجاة بني إسرائيل وغرق فرعون وقومه معجزة ، بل حادثة طبيعية ، كما يصرّون على ذلك ، فوجّهوا ذلك كله بأسباب طبيعية.
لذلك قالوا : إنّ هذا الموضوع يمكن تطبيقه بواسطة الجسور المتحركة المستعملة في العصر الحديث. (١)
وقال بعضهم : إنّ موسى عليهالسلام كان مطلعا على طرق خاصّة ، وكان يمكنه العبور من البرازخ (أو الطرق الموجودة في بحر سوف) أي خليج السويس ، إلى جزيرة سيناء. وانفلاق البحر ـ في الآيات محل البحث ـ إشارة إلى هذا المعنى (٢) ...
وقال بعضهم : من المحتمل جدا أن يكون وصول موسى وقومه البحر عند منتهى جزره ، فاستطاع أن يعبر بهم من النقاط اليابسة ويجتازها بسرعة ، ولكن عند ما ورد فرعون وقومه البحر شرع المدّ فورا فأغرقوا بالنيل حينئذ وهلكوا ...
ولكن الحق أن أيّا من هذه الاحتمالات لا ينسجم وظاهر الآيات ـ إن لم نقل وصريح الآيات ـ ومع قبول معاجز الأنبياء الوارد بيانها مرارا في سور القرآن ، وخاصّة معجزة عصا موسى نفسها ، فلا حاجة لمثل هذه التوجيهات ...
فما يمنع أن تتراكم أمواج النيل بعد ضربها من قبل موسى بالعصا بأمر الله الحاكم على قانون العليّة في عالم الوجود ، وتنجذب متأثرة بما فيها من سرّ غامض ، لتترك طريقا يبسا بيّنا (يمرّ في وسط البحر) ثمّ تتلاشى هذه الجاذبيّة بعد
__________________
(١) أعلام القرآن ، ص ٦٢٢.
(٢) المصدر السابق.