٢ ـ التقوى ، بداية دعوة الأنبياء جميعا :
ممّا يلفت النظر أن قسما مهما من قصص هؤلاء الأنبياء ـ الوارد ذكرهم في سورة الشعراء ـ ذكر في سورة هود والأعراف ، إلّا أن في بداية ذكرهم وبيان سيرتهم في اقوامهم الدعوة إلى وحدانية الله ـ عادة ـ ويبتدأ في تلك السور عند ذكرهم. بجملة (يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ)!
إلّا أنّه في هذه السورة (الشعراء) ـ كما لاحظنا ـ كانت بداية دعوتهم قومهم (أَلا تَتَّقُونَ ...) والحق أنّهما تعودان إلى نتيجة واحدة ... لأنّه إذا لم توجد في الإنسان أدنى مراتب التقوى ، وهي طلب الحق ، فإنه لا يؤثر فيه شيء ، لا الدعوة إلى التوحيد ولا غيرها ... لذا فإنّنا نقرأ في بداية سورة البقرة قوله تعالى : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ).
وبالطبع فإنّ التقوى لها مراحل ـ أو مراتب ـ وكل مرتبة هي درجة للرقي إلى المرحلة التالية أو المرتبة الأخرى ...
كما نلاحظ اختلافا آخر بين هذه السورة وسورتي الأعراف وهود ، ففي سورتي الأعراف وهود كانت دعوة الأنبياء تتركز على نبذ الأصنام ، أمّا المسائل الأخر فكانت تحت الشعاع ، إلّا أنه في سورة الشعراء هذه تتركز الدعوة على مكافحة الانحرافات الأخلاقية والاجتماعية ، كالمفاخرة وطلب الاستعلاء ، والإسراف ، والانحراف الجنسي ، والاستثمار والتطفيف. إلخ ... وهذا الأمر يكشف بأن تكرار هذه القصص في القرآن له حساب خاص ، ولكلّ هدف معين يعرف من السياق!
٣ ـ الانحرافات الاخلاقية
ممّا يلفت النظر أنّ الأقوام المذكورين في هذه السورة ، بالإضافة إلى انحرافهم عن أصل التوحيد نحو الشرك وعبادة الأوثان ، الذي يعدّ أصلا مشتركا