أجل ، إنّهم لا يؤمنون حتى يروا العذاب (فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ). (١) لا شك أن المراد من هذا العذاب الذي يأخذهم بغتة ، هو عذاب الدنيا والبلاء المهلك وعقاب الاستئصال! ...
لذا فإنّ القرآن يحكي عن حالهم فيقول : إنّهم في هذه الحال يرجعون إلى أنفسهم ، ويندمون على أفعالهم ، ويتملكهم الخوف من المصير المرعب ، ويودون بأن يعطوا فرصة لجبران ما فات والإيمان بالرسالة الالهية : (فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ ...)
* * *
بحوث
١ ـ العصبية القومية والقبلية الشديدة! ...
لا شك أن كل إنسان يرتبط بأرض أو قبيلة أو قومية فإنّه يعشقها ، وهذه العلاقة بالأرض أو القبيلة ، ليست غير معيبة فحسب ، بل هي عامل بنّاء لأبناء المجتمع ، إلّا أن لهذا الأمر حدودا ، فلو تجاوز الحدود فإنه سينقلب إلى عامل مخرب ، وربّما إلى عامل مفجع.
والمراد من التعصب أو العصبية القومية أو القبلية المذمومة والسلبية ، هو الإفراط في التعصب أو العصبية ...
«التعصب» و «العصبية» في الأصل من مادة (عصب) ومعناه واضح ، وهو الغضروف الذي يربط المفاصل ، ثمّ أطلق التعصب والعصبية على كل ارتباط ...
إلّا أن هذا اللفظ أو هذين اللفظين يستعملان عادة في المفهوم الإفراطي المذموم.
إن الدفاع المفرط عن القوم أو القبيلة أو الأرض والوطن ، كان مصدرا لكثير
__________________
(١) ينبغي الالتفات إلى أن جملة «فيأتيهم» منصوبة ومعطوفة على «حتى يروا» ، وينبغي بيان معناها بهذه العلاقة.