٢ ـ إنذار الأقربين «حديث يوم الدار»
وفقا لما ورد في التواريخ الإسلامية ، أمر النّبي في السنة الثّالثة بدعوته الأقربين من عشيرته ، لأنّ دعوته حتى ذلك الحين كانت مخفية «سريّة» ، وكان الذين دخلوا في الإسلام عددا قليلا ، لذلك حين نزلت الآية : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) والآية (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (١) أمر النّبي أن يجعل دعوته علنية ، وبدأ ذلك بدعوة أهله وأقربائه (٢).
وأمّا كيفية إبلاغه وإنذاره إيّاهم ، فهو بإجمال أنّه دعا النبيّ «عشيرته» إلى بيت عمّه أبي طالب ، وكانوا في ذلك اليوم حوالي أربعين رجلا ، وكان ممن حضر هذه الدعوة بعض أعمام النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كأبي طالب والحمزة وأبو لهب والعباس ، وبعد أن تناولوا الطعام ، وأراد النّبي أن يؤدي ما عليه ، تكلم أبو لهب كلمات أحبط بها خطة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لذا فقد دعاهم النّبي في اليوم التالي أيضا.
وبعد أن تناولوا الطعام ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا بني عبد المطلب ، إنّي والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم بخير الدنيا والآخرة ... وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على أمري هذا ، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟» فأحجم القوم عنها غير علي ، وكان أصغرهم (سنا) ، فقال : «يا نبيّ الله ، أنا أكون وزيرك عليه» ، فأخذ رسول الله برقبته ، وقال : «إنّ هذا وصييّ وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا» فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب :
قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع. (٣)
وقد نقل هذا الحديث كثير من أهل السنة كابن جرير الطبري ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، والبيهقي ، والثعلبي ، كما نقله «ابن الأثير» في
__________________
(١) سورة الحج ، الآية ٩٤.
(٢) راجع سيرة ابن هشام ، ج ١ ، ص ٢٨٠.
(٣) المراجعات ، ص ١٣٠.