بحوث
١ ـ لم كانوا يتهمون النّبي بالشعر
إن واحدة من التهم التي كانت توجه للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هي الشعر ، وأنّه شاعر ، فالآيات ـ آنفة الذكر ـ كانت ردا على هذا الاتهام أيضا ...
لقد كانوا يعرفون جيدا أن القرآن ليس له أقل شبه بالشعر ، لا من حيث الشكل والظاهر ولا من حيث المحتوى ، فالشعر فيه وزن وقافية وأبيات مشطرة ، وليس كذلك القرآن. والشعر فيه تخيّل وتشبيهات كثيرة وغزل ممّا ليس في القرآن أيضا.
إلّا أنّهم حيث كانوا يرون أثر القرآن الكبير في جذب أفكار الناس وإيقاعه الخاص في قلوبهم ، فلإلقاء الستار على هذا النور الإلهي ، سموه «سحرا» تارة ، لأنّه كان ذا نفوذ وتأثير «خفي» في الأفكار. ودعوة «شعرا» تارة أخرى لأنّه كان يهزّ القلوب ويأخذها معه!
لقد أرادوا أن يذموا القرآن فمدحوه بهذا الكلام ، وكان كلامهم سندا ودليلا حيا على نفوذ القرآن الخارق للعادة في أفكار الناس وفي قلوبهم.
يقول القرآن في تنزيه النّبي عن الشعر : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ) (١).
٢ ـ الشعر والشاعرية في الإسلام
لا شك أن الذوق الشعري والفن الشاعري كسائر رؤوس الأموال ، له قيمته في صورة ما لو استعمل استعمالا صحيحا وله أثر إيجابي ... إلّا أنّه إذا صار وسيلة تخريب وهدم للبناء العقائدي والأخلاقي في المجتمع ، فلا قيمة له ، بل يعتبر وسيلة
__________________
(١) يس ، الآية ٦٩.