لتؤكّد القول (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ). (١)
* * *
بحوث
١ ـ ما معنى إشاعة الفحشاء؟
بما أن الإنسان مخلوق اجتماعي ، فالمجتمع البشري الذي يعيش فيه له حرمة يجب أن لا تقلّ عن حرمته الشخصيّة ، وطهارة كلّ منهما تساعد في طهارة الآخر ، وقبح كلّ منهما يسري إلى صاحبه. وبموجب هذا المبدأ كافح الإسلام بشدّة كلّ عمل ينشر السموم في المجتمع ، أو يدفعه نحو الهاوية والانحطاط.
ولهذا السبب حارب الإسلام ـ بقوة ـ الغيبة والنميمة ، لأن الغيبة تكشف العيوب الخفية ، وتسيء إلى حرمة المجتمع.
أوجب الإسلام ستر العيوب والسبب في ذلك هو ما تقدم من الحيلولة دون انتشار الذنوب في المجتمع ، واكتسابها طابع العمومية والشمول.
وعند ما نرى اختصاص الذنب العلني بأهمية أكثر من الذنب الذي يرتكب في الخفاء ، حتى أن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام قال : «المذيع بالسيئة مخذول والمستتر بالسيئة مغفور له» (٢). فالسبب هو ما ذكرنا.
وهكذا لنفس السبب يدين القرآن ـ بشدّة ـ ارتكاب الذنوب في العلن ، كإشاعة الفحشاء التي ذكرتها الآيات السابقة فارتكاب الذنوب كالنار التي تسري في الهشيم ، تأتي على المجتمع من أساسه فتنخره حتى تهدمه وتذروه ، لهذا يجب الإسراع لإطفاء هذه النار ، أو لمحاصرتها على الأقل. أمّا إذا زدنا النار لهيبا ،
__________________
(١) لهذه الجملة محذوف كما يبدو في آيات أخرى سبقت ، وتقديره «لو لا فضل الله عليكم لمسّكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم».
(٢) أصول الكافي ، المجلد الثاني ، باب ستر العيوب.