التّفسير
للعقوبات حساب!
على الرغم من عدم متابعة هذه الآيات حديث الإفك بصراحة ، إلّا إنّها تعتبر مكملة لمضمون ذلك البحث ، وتحذّر المؤمنين جميعا من تأثير الأفكار الشيطانية التي تبدو أوّلا في صورة باهتة ، فلا بدّ من الانتباه إليها ، وإلّا فالنتيجة سيئة للغاية ، ولا يمكن تلافيها بسهولة فعلى هذا حينما يشعر الفرد بأوّل وسوسة شيطانية بإشاعة الفحشاء أو ارتكاب أي ذنب آخر فيجب التصدي له بقوّة حاسمة ، حتى يمنع من انتشاره وتوسعه.
وتخاطب الآية الأولى المؤمنين ، فتقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (١).
وإذا فسّرنا الشيطان بأنه كل مخلوق مؤذ وفاسد ومخرّب ، يتّضح لنا شمولية هذا التحذير لأبعاد حياتنا كلها ، وحيث لا يمكن جرّ أي إنسان مؤمن متطهر مرّة واحدة إلى الفساد ، فإنّ ذلك يتمّ خطوة بعد أخرى في طريق الفساد :
الخطوة الأولى : مرافقة الملوثين والمنحرفين.
الخطوة الثّانية : المشاركة في مجالسهم.
الخطوة الثّالثة : التفكير بارتكاب الذنوب.
الخطوة الرّابعة : ارتكاب الأعمال المشتبه بها.
الخطوة الخامسة : ارتكاب الذنوب الصغيرة.
وأخيرا الابتلاء بالكبائر. وكأنّ الإنسان في هذه المرحلة يسلّم نفسه لمجرم
__________________
(١) هناك محذوف لجملة (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) وهو جواب الشرط وتقديره «ومن يتبع خطوات الشيطان ارتكب الفحشاء والمنكر فإنّه يأمر بهما» (روح المعاني ، المجلد الثامن عشر ، صفحة ١١٢ تفسير آخر الآيات موضع البحث) ويجب الانتباه إلى أن جملة فإنه يأمر بالفحشاء ، لا يمكن اعتبارها جوابا للشرط.