لأفرادها ، إلّا أنّ هذه الحقيقة لا تمنع من كون الآية السابقة كما هي عليه الآية (الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) إشارة إلى حكم شرعي يمنع الزواج من النساء اللواتي اشتهرن بالعمل المخلّ بالشرف.
أليس لجميع الأحكام التشريعية جذور تكوينية؟
أليس هناك انسجام بين السنن الإلهية ، التشريعية منها والتكوينية؟ (لإيضاح أكثر راجع شرح الآية التي ذكرناها).
٣ ـ جواب استفسار :
الاستفسار هو : إننا نشاهد عبر التاريخ أو في حياتنا حالات لا تنسجم مع القانون السابق؟ ومثال ذلك ما جاء في القرآن المجيد (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما ...) (١)
ومقابل هذه الحالة ذكر القرآن المجيد زوجة فرعون مثالا للإيمان والطهارة : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٢).
كما شوهد نظير هاتين الحالتين في صدر الإسلام ، حيث ابتلي بعض قادة المسلمين بنساء سيئات ، وآخرون من الله عليهم بنساء مؤمنات جاء ذكرهن في كتب التاريخ الإسلامي.
وفي الجواب عن ذلك نقول أنّه مضافا إلى أنّ لكل قانون استثناءات ، فلا بدّ من ذكر مسألتين :
١ ـ قلنا خلال تفسير الآية موضع البحث : إنّ القصد من الخبث الانحطاط الخلقي والسقوط بارتكاب أعمال مخلة بالشرف ، والطيب ضد الخبث ، وعلى
__________________
(١) سورة التحريم ، ١٠.
(٢) سورة التحريم ، ١١.