لا ندخل منزلا دون إذن.
ثمّ تضيف الآية (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ) إشارة إلى أنّه لا لزوم لانزعاج المرء إن لم يؤذن له بالدخول ، فلعلّ صاحب المنزل في وضع غير مريح ، أو أن منزله لم يهيأ لاستقبال الضيوف!
وبما أن بعض الناس قد يدفعهم حبّ الاطلاع والفضول حين رفضهم استقباله على استراق السمع ، أو التجنس من ثقب الباب لكشف خفايا أهل المنزل وليطلع على أسرارهم ، لهذا قالت الآية : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ).
وبما أن لكل حكم استثناء ، لرفع المشكلات والضرورات بشكل معقول عن طريقه ، تقول آخر آية موضع البحث : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ).
وتضيف في الختام (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ). ولعل ذلك إشارة إلى استغلال البعض هذه الاستثناءات ، فيتذرّع بأنّ المنزل غير مسكون فيدخله بهدف الكشف عن بعض الأسرار ، أو الدخول إلى منازل مسكونة متذرعا بعدم علمه بأنّها مسكونة ، إلّا أنّ الله يعلم بكلّ هذه الأعمال ، ويعلم الذين يسيئون الاستفادة من هذا الاستثناء.
* * *
بحوث
١ ـ الأمن والحرية في حريم المنزل
لا ريب في أن لوجود الإنسان بعدين : بعد فردي ، وآخر اجتماعي ، ولهذا فله نوعان من الحياة : حياة خاصّة ، وأخرى عامّة. ولكل واحدة خصائصها وآدابها ، حيث يضطر الإنسان في البيئة الاجتماعية إلى تحمل قيود كثيرة من حيث اللباس والحركة ، ومواصلة الإنسان حياته على هذا النسق وحده ـ خلال الأربع