غير ما سال وجرى منهما ، فربما (١) يشكل في استصحابهما حينئذ (٢) ، فان الشك ليس في بقاء جريان شخص ما كان جاريا ، بل في حدوث جريان جزء آخر شك في جريانه من جهة الشك في حدوثه.
ولكنه (٣) يتخيل بأنه لا يختل به ما هو الملاك في الاستصحاب
______________________________________________________
ثم إن الشك من جهة المقتضي في الأمور التدريجية ليس راجعا إلى الحركة القطعية ، بل مورده الحركة التوسطية ، كما إذا فرض كون المتحرك بين الكوفة والبصرة ، ولكن لا يعلم أن مقدار المسافة بينهما عشرون فرسخا أو أكثر ، فعلى الأول تنتهي الحركة في ساعة ، وعلى الثاني تنتهي في ساعة ونصف مثلا ، فالشك في انتهاء الحركة ووصول المتحرك إلى المنتهى ناش عن الشك في كمية المسافة ، فالشك في بقاء الأمر التدريجي في الحركة التوسطية يتصور في كل من الشك في المقتضي والرافع.
(١) جواب قوله : «وأما» وقد تقدم آنفا تقريب الإشكال بقولنا : «وقد يشكل جريان الاستصحاب في هذا القسم بما حاصله ... إلخ» وضمير «استصحابهما» راجع إلى «الجريان والسيلان».
(٢) أي : حين الشك في الكمية والاستعداد ، وقوله : «فان الشك ليس ... إلخ» تقريب الإشكال ، وقد عرفته ، وضميرا «جريانه ، حدوثه» راجعان إلى جزء آخر.
(٣) أي : ولكن الإشكال يتخيل اندفاعه ، وهذا إشارة إلى دفع الإشكال عن جريان الاستصحاب في الأمور التدريجية إذا كان الشك في بقائها ناشئا من الشك في المقتضي ، كعدم الإشكال في جريانه فيها إذا كان منشأ الشك في بقائها الشك في وجود الرافع. توضيح دفع الإشكال هو : أن مناط جريان الاستصحاب ـ وهو وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة عرفا ـ منطبق هنا ، ضرورة أن اتصال الأمر التدريجي وعدم تخلل العدم بين أجزائه موجب لوحدته ، وكون الشك شكا في