هذه الآيات مقسمة تقسيما طريفا من حيث «آيات الآفاق» و «آيات الأنفس» إذ تتحدث ثلاث منها عن آيات الأنفس (دلائل الخالق في وجود الإنسان نفسه) وثلاث منها عن آيات الآفاق (دلائل الخالق خارج وجود الإنسان) وواحدة من هذه الآيات تتحدث عن الآيات في الأنفس وفي الآفاق معا.
وممّا ينبغي الالتفات إليه أنّ الآيات التي تبدأ بهذه العبارة : (وَمِنْ آياتِهِ) مجموعها إحدى عشرة آية فحسب ، في سائر سور القرآن ، سبع منها في هذه السورة ، واثنتان في سورة فصلت هما «الآية ٣٧ والآية ٣٩» وآيتان أخريان في سورة الشورى هما الآية ٢٩ والآية ٣٢ ـ ومجموعها كما ذكرنا آنفا إحدى عشرة لا غير. وهي تشكل دورة متكاملة في التوحيد.
ويجدر التنبيه ـ قبل الدخول إلى تفسير هذه الآيات ـ على هذه «اللطيفة» وهي أن ما أشار إليه القرآن في هذه الآيات ، وإن كانت تبدو للنظر محسوسة وملموسة ، يمكن أن يدركها عامّة الناس ، إلّا أنّه مع تطور العلم وتقدمه تبدو للبشر لطائف جديدة في هذا المجال ، وتتّضح للعلماء أمور ذات أهمية كبرى ، وسنشير إلى قسم منها خلال تفسيرنا لهذه الآيات إن شاء الله.
ويتحدث القرآن هنا أوّلا عن خلقة الإنسان التي تعد أوّل موهبة إلهية له ، وأهمهما أيضا ، فيقول : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ)!
في هذه الآية إشارة دليلين من أدلة عظمة الله.
الأوّل : خلق الإنسان من التراب ، وربّما كان إشارة إلى الخلق الأوّل للإنسان ، أي آدم عليهالسلام ، أو خلق جميع الناس من التراب ، لأنّ المواد الغذائية التي تشكل وجود الإنسان ، جميعها من التراب بشكل مباشرة أو غير مباشر!
الثّاني : كثرة النسل «الآدمي» وانتشار أبناء «آدم» على سطح المعمورة ، فلو