المطر ، الرياح التي يشمّ من خلالها رائحة «الغيث»! وتمرّ لحظات ، فتتسع الغيوم في السماء ثمّ تغلظ وتكون أكثر كثافة ، ثمّ ينزل «القطر» والغيث ، وتمتلئ الحفر بالماء الزلازل ، وتفيض الروافد والسواقي الصغيرة والكبيرة من هذه المائدة السماوية ، وتعود الحياة النضرة إلى الأرض اليابسة ، كما تتبر عم الآمال في قلوب الرحّل في الصحراء ويشرق الأمل في قلوبهم ، وتنجلي عنها غيوم الظلمة واليأس والقنوط!
ويبدو أن تكرار كلمة «من قبل» في الآية للتأكيد ، إذ تبيّن الآية أن الوجوه كانت عابسة متجهمة من قبل المطر بلحظات ، أجل ... لحظات قبل المطر ، وهم قلقون ولكن حين ينزل عليهم الغيث ... تشرق فجأة الوجوه وتبتسم الشفاه ، فكم هو موجود ضعيف هذا الإنسان! وكم هو رحيم هذا الربّ.
ومثل هذا التعبير وارد في كلماتنا العرفية حيث نقول مثلا : إن فلانا كان بالأمس ، نعم بالأمس صديقا لنا ، واليوم هو من أعدائنا ... والهدف من هذا التكرار هو التأكيد على تغيير حالات الإنسان.
وفي آخر آية ـ من الآيات محل البحث ـ يتوجه الخطاب إلى النّبي صلىاللهعليهوآله قائلا : (فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها).
والاهتمام أو الاعتماد على كلمة «انظر» هو إشارة إلى أن آثار رحمة الله في إحياء الأرض بالمطر ، هي من الوضوح بمكان بحيث تكفي نظرة واحدة لمشاهدة هذه الآثار ، دون حاجة للبحث والتدقيق.
والتعبير بـ (رَحْمَةِ اللهِ) في شأن المطر هو إشارة الآثار المباركة فيه من جهات مختلفة!.
فالمطر يسقي الأرض ويرعى بذور النباتات ... ويهب الأشجار الحياة الجديدة!
وهو ينقيّ الجو والمحيط من الغبار المتراكم أو المتناثر في الفضاء.