يعني القبض) يوحي بأنّ الروح تبقى بعد انفصالها عن البدن ولا تفنى.
والتعبير عن الإنسان في الآية بالروح أو النفس في الآية أعلاه شاهد آخر على هذا المعنى ، لأنّ الروح ـ وفق نظرية المادّيين ـ ليست إلّا الخواص الفيزيائية والكيميائية للخلايا المخيّة ، وهي تفنى بفنائها ، تماما كما تفنى حركات عقارب الساعة بعد فنائها وتحطّمها. وطبقا لهذه النظرية فإنّ الروح ليست هي المحافظة على شخصية الإنسان ، بل هي جزء من خواصّ جسمه تتلاشى عند تلاشي جسمه.
ولدينا أدلّة فلسفية عديدة على أصالة الروح واستقلالها ، ذكرنا بعضا منها في ذيل الآية (٨٥) من سورة الإسراء ، والمراد هنا بيان الدليل النقلي على هذا الموضوع ، حيث تعتبر الآية أعلاه من الآيات الدالّة على هذا المعنى.
٢ ـ ملك الموت
يستفاد من آيات القرآن المجيد أنّ الله سبحانه يدبّر امور هذا العالم بواسطة مجموعة من الملائكة ، كما في الآية (٥) من سورة النازعات حيث يقول : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) ونعلم أنّ السنّة الإلهيّة قد جرت على أن تمضي الأمور بأسبابها.
وقسم من هؤلاء الملائكة هم الملائكة الموكّلون بقبض الأرواح ، والذين أشارت إليهم الآيات (٢٨ و٣٣) من سورة النحل ، وبعض الآيات القرآنية الاخرى ، وعلى رأسهم ملك الموت.
وقد رويت أحاديث كثيرة في هذا الباب ، تبدو الإشارة إلى بعضها لازمة من جهات:
١ ـ في حديث روي عن الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «الأمراض والأوجاع كلّها بريد الموت ورسل الموت! فإذا حان الأجل أتى ملك الموت بنفسه فقال : يا أيّها العبد ، كم خبر بعد خبر؟ وكم رسول بعد رسول؟ وكم بريد بعد بريد؟ أنا الخبر