مرّة اخرى نرى هنا العذاب الإلهي قد جعل في مقابل «الكفر والتكذيب» ، والثواب والجزاء في مقابل «العمل» ، وهذا إشارة إلى أنّ الإيمان لا يكفي لوحده ، بل يجب أن يكون حافزا وباعثا على العمل ، إلّا أنّ الكفر كاف لوحده للعذاب ، وإن لم يرافقه ويقترن به عمل.
* * *
بحث
أصحاب الليل!
ورد لجملة : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) تفسيران في الروايات الإسلامية : أحدهما : تفسيرها بصلاة «العشاء» ، وهو يشير إلى أنّ المؤمنين الحقيقيين لا ينامون بعد صلاة المغرب وقبل صلاة العشاء مخافة أن يغلب عليهم النوم فتفوتهم صلاة العشاء (لأنّ المعتاد في ذلك الزمان أنّهم كانوا يستريحون في أوّل الليل ـ وكانوا يفرّقون بين صلاتي المغرب والعشاء ، طبقا لاستحباب التفريق بين الصلوات الخمس ، وكانوا يؤدّون كلا منهما في وقت فضيلتها) فربّما لم يستيقظوا لصلاة العشاء إذا ما ناموا بعد صلاة المغرب مباشرة.
وقد روى هذا التّفسير ابن عبّاس عن النّبي صلىاللهعليهوآله طبقا لنقل الدرّ المنثور ، وكذلك روي في أمالي الصدوق عن الإمام الصادق عليهالسلام (١).
وثانيهما : أنّها فسّرت بالقيام والنهوض من النوم والمضجع لأداء صلاة الليل في أغلب الرّوايات وكلمات المفسّرين :
ففي رواية عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال لأحد أصحابه : «ألا أخبرك بالإسلام أصله وفرعه وذروة سنامه»؟ قال : بلى ، جعلت فداك ، قال : «أمّا أصله فالصلاة ،
__________________
(١) الدرّ المنثور وأمالي الشيخ طبقا لنقل تفسير الميزان الجزء ١٦ صفحة ٢٦٨.