جملة : (جعلنا) يرجّح في رأينا أنّ المراد هم الأنبياء الذين نصبوا بأمر الله في هذا المنصب.
ولمّا كانوا بنوا إسرائيل ـ كسائر الأمم ـ قد اختلفوا بعد هؤلاء الأئمّة الحقيقيين ، وسلكوا مسالك مختلفة ، فإنّ الآية الأخيرة من الآيات مورد البحث تقول بلحن التهديد : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
أجل .. إنّ مصدر ومنبع الاختلاف دائما هو مزج الحقّ بالأهواء والميول ، ولمّا كانت القيامة يوما لا معنى فيه للأهواء والميول ، حيث تمحى ويتجلّى الحقّ بأجلى صوره ، فهناك ينهي الله سبحانه الاختلافات بأمره ، وهذه أيضا إحدى فلسفات المعاد. تأمّلوا ذلك.
* * *
ملاحظة
صمود واستقامة القادة الإلهيين
قلنا : إنّه قد ذكر في الآيات مورد البحث شرطان للأئمّة : الأوّل : الصبر والثبات ، والآخر : الإيمان واليقين بآيات الله.
ولهذا الصبر والثبات فروعا وأشكالا كثيرة :
فيكون أحيانا أمام المصائب التي تحلّ بالإنسان.
واخرى مقابل الأذى الذي يحيق بأصحابه ومؤيّديه.
وثالثة في مقابل التعديات والألسن البذيئة التي تنال مقدّساته.
واخرى في مقابل المنحرفين فكريا.
واخرى أمام الجاهلين الحمقى.
واخرى أمام العلماء الخبثاء.
والخلاصة : فإنّ القائد الواعي الرشيد يجب أن يصمد أمام كلّ هذه المشاكل