الاقتراحات (١).
التّفسير
اتّبع الوحي الإلهي فقط :
إنّ من أخطر المنعطفات والمنحدرات التي تعترض طريق القادة الكبار قضيّة اقتراحات الصلح والتنازل والوفاق التي تطرح من قبل المخالفين ، وتضع الخطوط الملتوية والطرق المنحرفة إلى جانب طريق القادة ، وتسعى لحرفهم عن مسيرهم الأصلي ، وهذا إمتحان صعب وعسير لهؤلاء.
لقد بذل مشركو «مكّة» ومنافقو «المدينة» كلّ ما في وسعهم ليحرّفوا الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله عن خطّ التوحيد من خلال طرح مقترحات السلام والاتّفاق ، ومن جملتها ما قرأناه في سبب النّزول ، إلّا أنّ أولى آيات سورة الأحزاب نزلت فأنهت مؤامراتهم ، ودعت النّبي صلىاللهعليهوآله إلى الاستمرار في أسلوبه الحاسم في خطّ «التوحيد» بدون أدنى تراجع وتنازل ومسالمة.
إنّ هذه الآيات بمجموعها تأمر النّبي صلىاللهعليهوآله بأربعة أوامر مهمّة :
الأوّل : في مجال التقوى ، والتي تهيّء الأرضية لكلّ برنامج آخر ، فتقول : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ).
إنّ حقيقة التقوى هي ذلك الإحساس الداخلي بالمسؤولية ، ولو لا هذا الإحساس فإنّ الإنسان لا يندفع ولا يتحرّك باتّجاه أي برنامج بنّاء.
التقوى هي الهدف الأسمى للهداية والانتفاع بآيات الله ، كما جاء في الآية الثّانية من سورة البقرة : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ).
صحيح أنّ المرحلة النهائية للتقوى تحصل بعد الإيمان والعمل طبق أوامر الله
__________________
(١) مجمع البيان ، ذيل الآية مورد البحث ، وتفاسير اخرى.