د ـ ساحة إمتحان عظيمة
إنّ غزوة «الأحزاب» كانت محكّا وامتحانا عجيبا لكلّ المسلمين ، ولمن كانوا يدّعون الإسلام ، وكذلك لأولئك الذين كانوا يدّعون الحياد أحيانا ، وكان لهم في الباطن ارتباط وتعامل مع أعداء الإسلام ويتعاونون معهم ضدّ دين الله.
لقد تبيّن بوضوح تامّ موقع الفئات الثلاث ـ المؤمنون الصادقون ، وضعفاء الإيمان ، والمنافقون ـ من خلال عملهم ، واتّضحت تماما القيم والمفاهيم الإسلامية ، فقد عكست كلّ من الفئات الثلاث في أتون الحرب الملتهبة حسن إيمانها أو قبحه ، وإخلاص نيّاتها أو عدمه.
لقد كانت العاصفة هو جاء شديدة لم تدع المجال لأيّ شخص أن يخفي ما في قلبه ، وظهرت امور في أقلّ من شهر ، وكان يحتاج كشفها إلى سنين ربّما تكون طويلة في الظروف الطبيعيّة.
وهنا مسألة تستحقّ الانتباه ، وهي أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله أثبت عمليّا إيمانه الكامل بما جاء به من التعليمات الإلهيّة ووفاءه التامّ لها من خلال مقاومته وصلابته ، ورباطة جأشه ، وتوكّله على الله ، واعتماده على نفسه ، وكذلك أثبت للناس أنّه يطبّق قبل الآخرين ما يأمرهم به من خلال مواساته للمسلمين ومساعدتهم في حفر الخندق ، وتحمّله لمصاعب الحرب ومشاكلها.
ه ـ نزال علي عليهالسلام التاريخي لعمرو بن عبد ودّ
من المواقف الحسّاسة والتاريخية لهذه الحرب مبارزة علي عليهالسلام لبطل معسكر العدوّ العظيم «عمرو بن عبد ودّ» ، فقد جاء في التواريخ أنّ جيش الأحزاب كان قد دعا أشدّاء شجعان العرب للاشتراك والمساهمة في هذه الحرب ، وكان الأشهر من بين هؤلاء خمسة : عمرو بن عبد ودّ ، وعكرمة بن أبي جهل ، وهبيرة ، ونوفل ، وضرار.