٣ ـ اذكروا الله كثيرا
لقد وردت الوصيّة بذكر الله ـ وخاصّة الذكر الكثير ـ مرارا في الآيات القرآنية ، وقد أولته الروايات الإسلامية اهتماما كبيرا أيضا ، حتّى أنّنا نقرأ في حديث عن أبي ذرّ أنّه قال : دخلت المسجد فأتيت النّبي صلىاللهعليهوآله ... فقال لي : «عليك بتلاوة كتاب الله وذكر الله كثيرا فإنّه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض» (١).
وجاء في حديث آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام : «إذا ذكر العبد ربّه في اليوم مائة مرّة كان ذلك كثيرا» (٢).
وفي حديث آخر عن النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال لأصحابه : «ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من الدينار والدرهم ، وخير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتقتلونهم ويقتلونكم؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : ذكر الله كثيرا» (٣).
لكن لا ينبغي أن يتصوّر أنّ المراد من ذكر الله بكلّ هذه الفضيلة هو الذكر اللساني فقط ، بل قد صرّحت الروايات الإسلامية أنّ المراد منه إضافة لما مرّ هو الذكر القلبي والعملي ، أي أنّ الإنسان يذكر الله عند ما يواجه حراما فيتركه.
إنّ الهدف أن يجعل الإنسان الله نصب عينيه دائما ، ويشعر بحضوره وشهادته الدائمة ، وأن يغمر نور الله كلّ حياته ، فيفكّر فيه ويذكره دائما ، ولا يغفل عن أوامره بل يطيعها.
إنّ مجالس الذكر ليست تلك المجالس التي يجتمع فيها جماعة من المغفّلين ويشرعون في الطعام والشراب ، وتتخلّل مجالسهم تلك مجموعة من الأذكار
__________________
(١) الخصال ، طبقا لنقل نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، ص ٢٥٧.
(٢) سفينة البحار ، المجلّد ١ ، صفحة ٤٨٤.
(٣) المصدر السابق.