لقد جمعت هذه الآية كلّ أسس الإيمان وسلوكيات المؤمن ، فمن جهة عنصر الإيمان والإعتقاد بالله والرّسول واليوم الآخر ، ومن جهة اخرى البرنامج العملي وكون الإنسان في صفّ المحسنين والمحسنات ، وبناء على هذا فإنّ إظهار عشق الله وحبّه ، والتعلّق بالنّبي واليوم الآخر لا يكفي لوحده ، بل يجب أن تنسجم البرامج العملية مع هذا الحبّ والعشق.
وبهذا فقد بيّن الله سبحانه تكليف نساء النّبي وواجبهنّ في أن يكنّ قدوة وأسوة للمؤمنات على الدوام ، فإن هنّ تحلين بالزهد وعدم الاهتمام بزخارف الدنيا وزينتها ، واهتممن بالإيمان والعمل الصالح وتسامي الروح ، فإنّهن يبقين أزواجا للنبي ويستحقّنّ هذا الفخر ، وإلّا فعليهنّ مفارقته والبون منه.
ومع أنّ المخاطب في هذه الآية هو نساء النّبي إلّا أنّ محتوى الآيات ونتيجتها تشمل الجميع ، وخاصّة من كان في مقام قيادة الناس وإمامتهم وأسوة لهم ، فإنّ هؤلاء على مفترق الطرق دائما ، فإمّا أن يستغلّوا المنصب الظاهري للوصول إلى الحياة المادية المرفّهة ، أو البقاء على حرمانهم لنوال رضى الله سبحانه وهداية خلقه.
ثمّ تتناول الآية التالية بيان موقع نساء النّبي أمام الأعمال الصالحة والطالحة ، وكذلك مقامهنّ الممتاز ، ومسئولياتهنّ الضخمة بعبارات واضحة ، فتقول : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً).
فأنتنّ تعشن في بيت الوحي ومركز النبوّة ، وعلمكنّ بالمسائل الإسلامية أكثر من عامّة الناس لارتباطكنّ المستمر بالنّبي صلىاللهعليهوآله ولقائه ، إضافة إلى أنّ الآخرين ينظرون إليكنّ ويتّخذون أعمالكنّ نموذجا وقدوة لهم. بناء على هذا فإنّ ذنبكنّ أعظم عند الله ، لأنّ الثواب والعقاب يقوم على أساس المعرفة ، ومعيار العلم ، وكذلك مدى تأثير ذلك العمل في البيئة ، فإنّ لكنّ حظّا أعظم من العلم ، ولكنّ موقع