بحثان
١ ـ أساطير كاذبة
مع أنّ القرآن الكريم كان غاية في الصراحة في قصّة زواج النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله من زينب ، وفي تبيان هذه المسألة ، والهدف من هذا الزواج ، وأعلن أنّ الهدف هو محاربة سنّة جاهلية فيما يتعلّق بالزواج من مطلّقة الابن المدّعى ، إلّا أنّها ظلّت مورد استغلال جمع من أعداء الإسلام ، فحاولوا اختلاق قصّة غرامية منها ليشوّهوا بها صورة النّبي المقدّسة ، واتّخذوا من الأحاديث المشكوك فيها أو الموضوعة في هذا الباب آلة وحربة يلوّحون بها.
ومن جملة ذلك ما كتبوه من أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله جاء إلى دار زيد ليسأل عن حاله ، فما إن فتح الباب حتّى وقعت عينه على جمال زينب ، فقال : «سبحان الله خالق النور! تبارك الله أحسن الخالقين» واتّخذوا هذه الجملة دليلا على تعلّق النّبي صلىاللهعليهوآله بزينب.
في حين أنّ هناك دلائل واضحة ـ بغضّ النظر عن مسألة العصمة والنبوّة ـ تكذّب هذه الأساطير :
الاولى : أنّ زينب كانت بنت عمّة النّبي صلىاللهعليهوآله ، وقد تربيّا وكبرا معا في محيط عائلي تقريبا ، والنّبي صلىاللهعليهوآله هو الذي خطبها بنفسه لزيد ، وإذا كان لزينب ذلك الجمال الخارق ، وعلى فرض أنّه استرعى انتباهه ، فلم يكن جمالها أمرا خافيا عليه ، ولم يكن زواجه منها قبل هذه الحادثة أمرا عسيرا ، بل إنّ زينب لم تبد أي رغبة في الاقتران بزيد ، بل أعلنت مخالفتها صراحة ، وكانت ترجّح تماما أن تكون زوجة للنبي صلىاللهعليهوآله ، بحيث أنّها سرّت وفرحت عند ما ذهب النّبي صلىاللهعليهوآله لخطبتها ظنّا منها بأنّ النّبي صلىاللهعليهوآله يخطبها لنفسه ، إلّا أنّها رضخت لأمر الله ورسوله بعد نزول هذه الآية القرآنية وتزوّجت زيدا.
مع هذه المقدّمات هل يبقى مجال لهذا الوهم بأنّ النّبي صلىاللهعليهوآله لم يكن عالما بحال