القرآن قد اعتبر النّبي صلىاللهعليهوآله خاتم الأنبياء لا خاتم المرسلين ، إنّما هو اشتباه كبير ، لأنّ من كان خاتما للأنبياء يكون خاتما للرسل بطريق أولى ، لأنّ مرحلة «الرسالة» أسمى من مرحلة «النبوّة» ـ تأمّلوا ذلك ـ.
إنّ هذا الكلام يشبه تماما أن نقول : إنّ فلانا ليس في بلاد الحجاز ، فمن المسلّم أنّ هذا الشخص سوف لا يكون موجودا في مكّة ، أمّا إذا قلنا : إنّه ليس في مكّة ، فمن الممكن أن يكون في مكان آخر من الحجاز.
بناء على هذا ، فإنّه تعالى لو كان قد سمّى النّبي خاتم المرسلين ، فمن الممكن أن لا يكون خاتم الأنبياء ، أمّا وقد سمّاه «خاتم الأنبياء» فمن المسلّم أنّه سيكون خاتم الرسل أيضا ، وبتعبير المصطلحات فإنّ النسبة بين النّبي والرّسول نسبة العموم والخصوص المطلق.
* * *
بحوث
١ ـ ما هو الخاتم؟
«الخاتم» ـ على زنة حاتم ـ لدى أرباب اللغة : هو الشيء الذي تنهى به الأمور ، وكذلك جاء بمعنى الشيء الذي تختم به الأوراق وما شابهها.
وكان هذا الأمر متداولا فيما مضى ـ ولا يزال إلى اليوم ـ حينما يريدون إغلاق الرسالة أو غطاء الوعاء أو باب المنزل لئلّا يفتحها أحد ، فإنّهم كانوا يضعون مادّة لاصقة على الباب أو القفل ويختمون عليها. ويكون هذا الخاتم من الصلابة بحيث إنّه لا بدّ من كسره إذا ما أريد فتح الباب ، وهذه المادّة التي توضع على مثل هذه الأشياء تسمّى «خاتما».
ولمّا كانوا في السابق يستعملون لهذا الأمر الطين الصلب الذي يلصق ، فإنّنا نقرأ