إضافة إلى أنّ هذه المادّة قد استعملت في القرآن في موارد متعدّدة ، وكلّها تعني الإنهاء أو الختم والغلق ، مثل : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ). (١)
(خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ، وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) (٢).
ومن هنا يعلم أنّ الذين شكّكوا في دلالة هذه الآية على كون نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله خاتم الأنبياء ، وانتهاء سلسلة الأنبياء به ، غير مطّلعين على معنى هذه الكلمة تماما ، أو أنّهم تظاهروا بعدم الإحاطة والاطلاع عليها ، وإلّا فإنّ من له أدنى إحاطة بآداب العرب يعلم أنّ كلمة «خاتم النّبيين» تدلّ على الخاتمية.
وإذا قيل ـ عند ذاك ـ في تفسير هذه الآية غير هذا التّفسير فإنّه تفسير متطفّل غير متّزن ، كأن نقول : إنّ نبي الإسلام كان خاتم الأنبياء ، أي أنّه زينة الأنبياء ، لأنّ الخاتم آلة زينة للإنسان ، ولا يمكن أن يوازي الإنسان في المرتبة مطلقا ، وإذا فسّرنا الآية بهذا التّفسير فسنكون قد حططنا من مقام النّبي صلىاللهعليهوآله ، وأنزلنا منزلته إلى أدنى المستويات ، مع إنّه لا يناسب المعنى اللغوي ، ولذلك فإنّ هذه الكلمة حيثما استعملت في القرآن الكريم ـ في ثمانية موارد ـ فإنّها أعطت معنى الإنهاء والإغلاق.
٢ ـ أدلّة كون نبيّ الإسلام خاتما للأنبياء :
بالرغم من أنّ الآية المذكورة كافية لوحدها في إثبات هذا المطلب ، إلّا أنّ الدليل على كون نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله خاتما للأنبياء لا ينحصر بها ، فإنّ آيات اخرى في القرآن الكريم تشير إلى هذا المعنى ، إضافة إلى الروايات الكثيرة الواردة في هذا الباب :
فمن جملتها في الآية (١٩) من سورة الأنعام : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ
__________________
(١) سورة يس ، ٦٥.
(٢) سورة البقرة ، ٧.