نهاية سلسلة الإمامة ، لأنّ «تبيين» و «توضيح» هذه الأصول و «تحقّقها في الخارج» لا يمكن أن يتمّ من دون الاستعانة بوجود قائد وإمام معصوم.
٢ ـ كيف تتلاءم القوانين الثابتة مع الحاجات المتغيّرة؟
بغضّ النظر عن مسألة السير التكاملي للبشر ، فإنّ هناك سؤالا آخر يطرح هنا ، وهو : أنّنا نعلم أنّ مقتضيات الأزمنة والأمكنة ومتطلباتها متفاوتة ، وبتعبير آخر فإنّ حاجات الإنسان في تغيّر مستمر ، في حين أنّ للشريعة الخاتمة قوانين ثابتة ، فهل تقوى هذه القوانين الثابتة على أن تؤمّن حاجات الإنسان المتغيّرة على مدى الزمان؟
ويمكن الإجابة على هذا السؤال جيدا بملاحظة المسألة التالية ، وهي : أنّه لو كانت لكلّ قوانين الإسلام صفة الجزئية ، وأنّها قد عيّنت لكلّ موضوع حكما جزئيا معينا لكان هناك مجال لهذا السؤال ، أمّا إذا عرفنا بأنّ في تعليمات الإسلام سلسلة من الأصول الكلية الواسعة جدّا ، والتي تقدر على أن تطابق الحاجات المتغيّرة وتؤمّنها ، فلا يبقى مجال لهذا الإشكال.
إنّنا نرى استحداث سلسلة من الاتّفاقيات الجديدة والروابط الحقوقية بين البشر لم يكن لها وجود في عصر نزول القرآن بتاتا ، فمثلا لم يكن في ذلك العصر شيء اسمه «الضمان» بفروعه المتعدّدة (١) ، وكذلك أنواع الشركات التي ظهرت في عصرنا وزماننا حسب الاحتياج اليومي ، لكن يوجد لدينا في الإسلام أصل عامّ ورد في بداية سورة «المائدة» بعنوان «لزوم الوفاء بالعهد والعقد» : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وهو قادر على احتواء كلّ هذه الاتفاقيات.
وطبعا هناك قيود وشروط بصورة عامّة وضعت لهذا الأصل العامّ في الإسلام ،
__________________
(١) طبعا يوجد في الإسلام موضوعات تشبه الضمان في حدود خاصّة ، كمسألة ضمان الجريرة ، أو تعلّق ديّة الخطأ المحض بالعاقلة ، إلّا أنّ لها مجرّد شبه بالمسألة كما قلنا.