رحمة الله وملائكته ، وفي ظلّ هذه الرحمة تزاح حجب الظلمة ، ويغمر قلوبهم وأرواحهم نور العلم والحكمة والإيمان والتقوى.
نعم .. إنّ هذه الآية بشارة كبرى لكلّ سالكي طريق الحقّ بأنّ هناك جاذبية قوية من جانب المعشوق تجذب العاشق إليها لينتهي سعي هذا العاشق الصبّ إلى نتيجة ولا يذهب سدى!
إنّ هذه الآية ضمان لكلّ المجاهدين في سبيل الله أن لا ينالهم قسم الشيطان على إغواء بني آدم ، لأنّهم في زمرة المخلصين المخلصين ، وقد أظهر الشيطان عجزه عن إضلال هذه الزمرة منذ الوهلة الاولى فقال : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ). (١)
إنّ جملة (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) وبملاحظة أنّ (كان) فعل ماض يدلّ على أنّ الله كان رحيما بالمؤمنين رحمة خاصّة على الدوام ، تأكيد مجدّد على ما جاء في بداية السورة.
أجل .. هذه هي رحمة الله الخاصّة التي تخرج المؤمنين من ظلمات الأوهام والشهوات والوساوس الشيطانية ، وتهديهم إلى نور اليقين والاطمئنان والسيطرة على النفس ، ولو لا رحمته سبحانه فإنّ هذا الطريق المليء بالمنعطفات والعراقيل لا يكون سالكا.
وتجسّد الآية الأخيرة من الآيات مورد البحث مقام المؤمنين وثوابهم بأروع تجسيد وأقصر عبارة ، فتقول : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ).
«التحيّة» من مادّة «حياة» ، وهي تعني الدعاء لسلامة وحياة اخرى. ولمزيد التوضيح راجع التّفسير الأمثل ذيل الآية (٨٥) من سورة النساء.
هذا السّلام يعني السلامة من العذاب ، ومن كلّ أنواع الألم والعذاب والمشقّة ،
__________________
(١) سورة ص ـ ٨٢ ، ٨٣.