والروايات الواردة في أهميّة «ذكر الله» تبلغ من الكثرة حدّا بحيث أنّا لو أردنا إيرادها جميعا هنا لخرجنا عن وضع الكتاب وحدّه ، ولذلك نختم هذا الحديث بحديث آخر قصير عميق المعنى عن الإمام الصادق عليهالسلام حيث يقول : «من أكثر ذكر الله عزوجل أظلّه الله في جنّته» (١).
ولمزيد الاطلاع في هذا المجال يراجع المجلّد الثّاني من اصول الكافي ـ الأبواب التي تتعلّق بذكر الله ، وخاصّة الأبواب التي تقول : إنّ الآفات والبلايا والمصائب لا تحيط بمن يذكرون الله).
وهناك مطلب ينبغي التأكيد عليه ، وهو أنّ كلّ هذه البركات والخيرات لا ترتبط قطعا بالذكر اللفظي وحركة اللسان الخالية من الفكر والعمل ، بل الهدف هو الذكر الذي يكون مصدرا ومنبعا للفكر .. ذلك الفكر الذي يتجلّى نوره في أعمال الإنسان ، كما صرّحت الروايات بهذا المعنى (٢).
٢ ـ توضيح حول «لقاء الله» :
قلنا : إنّ هذا التعبير في القرآن المجيد يشير إلى القيامة عادة ، ولمّا كان اللقاء الحسّي لا يصدق في شأن الله ، إذ ليس هو بجسم ، وليس له العوارض الجسمية ، ولذلك اضطر بعض المفسّرين إلى تقدير شيء هنا ، فقالوا : إن المراد هو «لقاء ثواب الله» ، أو «لقاء ملائكة الله».
غير أنّ «اللقاء» يمكن أن يؤخذ هنا بمعنى اللقاء الحقيقي بعين القلب ، حيث أنّ الحجب تزال في القيامة وتتجلّى عظمة الله وآياته أكثر من أيّ وقت مضى ، ويصل الإنسان إلى مقام المشاهدة الباطنية والرؤية القلبية ، وينال كلّ شخص من هذه المشاهدة مرتبة تتناسب مع مقدار معرفته وعمله الصالح.
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) خصال الصدوق ، طبقا لنقل تفسير الميزان ، المجلّد ١٦ ، صفحة ٣٥٣.