ملاحظات
وهنا ينبغي الانتباه إلى عدّة ملاحظات :
١ ـ لقد ذكر مقام «الشهادة» ، وكون النّبي صلىاللهعليهوآله شاهدا قبل جميع صفاته الاخرى ، وذلك لأنّ هذا المقام لا يحتاج إلى مقدّمة سوى وجود النّبي ورسالته ، فعند ما يتمّ نصبه في هذا المقام يكون شاهدا من جميع الجهات التي ذكرناها سابقا ، غير أنّ مقام «البشارة» و «الإنذار» أمر يتحقّق بعد ذلك.
٢ ـ إنّ الدعوة إلى الله سبحانه مرحلة تأتي بعد البشارة والإنذار ، لأنّ البشارة والإنذار وسيلة لتهيئة الأفراد لقبول الحقّ ، فعند ما تتهيّأ هذه الأرضية عن طريق الترغيب والترهيب ، تبدأ مرحلة الدعوة إلى الله سبحانه ، وستكون مؤثّرة في هذه الحالة فقط.
٣ ـ مع أنّ كلّ أعمال النّبي صلىاللهعليهوآله بإذن الله وأمره ، إلّا أنّ الدعوة هي الوحيدة التي قيّدت بإذن الله هنا ، وذلك لأنّ أشقّ أعمال الأنبياء وأهمّها هي الدعوة إلى الله سبحانه ، حيث يجب عليهم أن يسوقوا الناس في طريق يخالف ميولهم وشهواتهم ، فيجب أن تستبطن إذن الله وأمره ونصرته في هذه المرحلة ليتمّ تنفيذها ، ومن هنا يتّضح أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله لا يملك شيئا من عند نفسه ، بل كلّ ما يقوله بإذن الله (١).
٤ ـ إنّ كون النّبي صلىاللهعليهوآله (سراجا منيرا) إشارة إلى المعجزات وأدلّة أحقّية دعوة الرّسول ، وعلامة صدقها ، فهو سراج منير شاهد بنفسه على نفسه ، يزيح الظلمات ويلفت الأنظار ويجذب القلوب إليه ، فكما أنّ بزوغ الشمس دليل على وجود الشمس ، فكذلك وجوده صلىاللهعليهوآله دليل على كونه حقّا ، ودليل على أحقّيته.
وممّا يستحقّ الانتباه أنّ لفظة «السراج» قد وردت في القرآن المجيد أربع مرّات ، ثلاث منها في شأن الشمس ، ومن جملتها ما ورد في الآية (١٦) من سورة
__________________
(١) يحتمل أيضا أنّ قيد (بإذنه) يعود إلى جميع الأوصاف السابقة ، إلّا أنّ ظاهر الآية هو أنّ الضمير يعود إلى مسألة الدعوة إلى الله.