كان لغطهنّ وجد الهنّ مستمرّا ، فنزلت هذه الآية وجعلت النّبي صلىاللهعليهوآله حرّا في تقسيم أوقاته ، ثمّ أعلنت الآية لهنّ أنّ هذا حكم إلهي لئلّا يتولّد في أنفسهن أي قلق وسوء ظنّ (١).
التّفسير
حلّ مشكلة اخرى في حياة النّبي :
إنّ قائدا ربّانيا عظيما كالنّبي صلىاللهعليهوآله خاصّة وأنّه ابتلي بسيل من الحوادث الصعبة المرّة ، وكانوا يحوكون له الدسائس والمؤامرات داخليا وخارجيا ، لا يقدر أن يشغل فكره بحياته الخاصّة كثيرا ، بل يجب أن يكون له هدوء نسبي في حياته الداخلية ليقوى على التفرّغ لحلّ سيل المشاكل التي أحاطت به من كلّ جانب.
إنّ اضطراب الحياة الشخصية ، وكون قلبه وفكره مشغولين بوضعه العائلي في هذه اللحظات المضطربة الحسّاسة كان أمرا خطيرا للغاية.
ومع أنّ زواج النّبي صلىاللهعليهوآله المتعدّد ـ وطبقا للبحوث السابقة ، والوثائق والمستندات التي أوردناها في تفسير الآية السابقة ـ كانت له أبعاد سياسية واجتماعية وعاطفية غالبا ، وكان في الحقيقة جزءا من تنفيذ وتطبيق رسالة الله سبحانه ، إلّا أنّ الاختلاف بين زوجات النّبي ، والمنافسة النسوية المعروفة بينهنّ ، قد أثار في الوقت نفسه عاصفة من الاضطراب داخل بيت النّبي ممّا شغل فكره وزاد في همّه.
هنا منح الله سبحانه نبيّه إحدى الخصائص الاخرى ، وأنهى هذه الحوادث والأخذ والعطاء في الجدل إلى الأبد ، وأراح فكر النّبي صلىاللهعليهوآله من هذه الجهة ، وهدأ خاطره وروعه ، فقال سبحانه في هذه الآية (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ
__________________
(١) اقتباس من مجمع البيان وتفاسير اخرى.