(بعد) إمّا أن تعني (بعد) الزمانية ، أي لا نتّخذ زوجة بعد هذا الزمان ، أو أنّ المراد أنّك بعد أن خيّرت أزواجك بين البقاء معك والحياة حياة بسيطة في بيتك ، وبين فراقهنّ ، وقد رجّحن البقاء معك عن رغبة منهنّ ، فلا ينبغي أن تتزوّج بعدهنّ بامرأة اخرى.
وكذلك لا يمكنك أن تطلّق بعضهنّ وتختار مكانهنّ زوجات أخر. وبتعبير آخر : لا تزد في عددهنّ ، ولا تبدّل الموجود منهنّ.
* * *
مسائل مهمّة :
١ ـ فلسفة هذا الحكم :
إنّ هذا التحديد للنبي صلىاللهعليهوآله لا يعتبر نقصا ، بل هو حكم له فلسفة دقيقة جدّا ، فطبقا للشواهد التي تستفاد من التأريخ ، أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله كان تحت ضغط شديد من قبل مختلف الأفراد والقبائل بأن يتزوّج بنساء أخر منهم ، وكلّ واحدة من القبائل المسلمة كانت تفتخر على قبائل العرب بأنّ النّبي قد صاهرهم وحتّى أنّ بعض النساء كنّ على استعداد أن يهبن أنفسهنّ للنبي بدون مهر ـ كما مرّ ذلك ـ ويتزوّجنه بدون أيّ قيد أو شرط.
كانت هذه العلاقة الزوجية مع تلك القبائل والأقوام حلّا لمشاكل النّبي صلىاللهعليهوآله ومحقّقة لأهدافه الاجتماعية والسياسية ، غير أنّها إذا تجاوزت الحدّ ، فمن الطبيعي أن تخلق له المشاكل بنفسها ، وبما أنّ كلّ قبيلة كانت تأمل أن يتزوّج النّبي منها ، فلو أراد النّبي صلىاللهعليهوآله أن يحقّق آمال الجميع ، ويختار منهم أزواجا ، حتّى وإن كانت بمجرّد العقد ولا يدخل بها ، فإنّ ذلك سيوجد له مصاعب جمّة. ولذلك فإنّ الله الحكيم قد منع هذا الأمر ووقف دونه بإصدار قانون محكم ، فنهاه عن الزواج الجديد ، وعن تبديل أزواجه.