النساء ، إلّا أنّ المشكلة هنا أنّ بعض الروايات قد صرّحت بأنّ المراد من (مِنْ بَعْدُ) : بعد المحرّمات في آية سورة النساء.
بناء على هذا ، فإنّ الأفضل هو أن نغضّ النظر عن تفسير روايات الآحاد هذه ، أو كما يقال : ندع علم ذلك إلى أهله ، أي المعصومون عليهمالسلام ، لأنّها لا تنسجم مع ظاهر الآية ، ونحن مكلّفون بظاهر الآية ، والأخبار المذكورة أخبار ظنيّة.
والمطلب الآخر هو أنّ جماعة كثيرة تعتقد بأنّ الآية مورد البحث قد حرّمت كلّ زواج جديد على النّبي صلىاللهعليهوآله إلّا أنّ هذا الحكم قد نسخ فيما بعد ، واذن له بالزواج ، وإن كان النّبي صلىاللهعليهوآله لم يتزوّج بعد ذلك. حتّى الآية (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ) .. والتي نزلت قبل الآية مورد البحث ، فإنّهم يعتبرونها ناسخة لهذه الآية. ويعتقدون بأنّ هذه الآية وإن كانت قد كتبت في القرآن بعد آية (إِنَّا أَحْلَلْنا ..) إلّا أنّ الأخيرة قد نزلت قبلها! بل وينقل «الفاضل المقداد» في كنز العرفان بأنّ هذه هي الفتوى المشهورة بين الأصحاب (١).
وهذا الرأي يتعارض مع الروايات أعلاه بوضوح ، وكذلك لا ينسجم مع ظاهر الآيات أيضا ، لأنّ ظاهر الآيات يوحي بأنّ آية (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ) قد نزلت قبل الآية مورد البحث ، ومسألة النسخ تحتاج إلى دليل قطعي.
وعلى كلّ حال ، فليس لدينا شيء أكثر اطمئنانا ووضوحا من ظاهر الآية نفسها ، وطبقا لذلك فإنّ كلّ زواج جديد ، أو تبديل زوجات قد حرّم على النّبي صلىاللهعليهوآله بعد نزول هذه الآية ، وكان لهذا الحكم مصالح ومنافع هامّة أشرنا إليها فيما سبق.
٣ ـ هل يمكن النظر إلى زوجة المستقبل قبل الزواج؟
اعتبر جمع من المفسّرين جملة (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) دليلا على حكم معروف أشير إليه في الروايات الإسلامية أيضا ، وهو : أنّ من أراد من أن يتزوّج
__________________
(١) كنز العرفان ، المجلّد ٢ ، صفحة ٢٤٤.