ويحتمل أيضا أن يكون إيذاء النّبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين هو إيذاء الله تعالى ، وذكر الله في الآية لأهمية المطلب وتأكيده.
وأمّا إيذاء نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله فله معنى واسع ، ويشمل كلّ عمل يؤذيه ، سواء كان الكفر والإلحاد ومخالفة أوامر الله والافتراءات والتّهم ، أم الأذى الذي يراه حين يدعوهم إلى بيته ، كما مرّ في الآية (٥٣) من هذه السورة (إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَ).
أو الموضوع الذي ورد في الآية (٦١) من سورة التوبة عند ما اتّهموا النّبي صلىاللهعليهوآله بأنّه «اذن» نتيجة إصغائه لكلام الناس ورعايته لأدب المحادثة (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) وأمثال ذلك.
بل ويستفاد من الرواية الواردة في ذيل الآية أنّ إيذاء أهل بيت النّبي وخاصّة علي وفاطمة عليهماالسلام ، يدخل ضمن الآية ، وقد جاء في المجلّد الخامس من صحيح البخاري ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني» (١).
وورد هذا الحديث في «صحيح مسلم» بهذه العبارة : «إنّ فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها» (٢).
وروي هذا المعنى في حقّ عليّ عليهالسلام عن النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله (٣).
وأمّا «اللعن» الوارد في الآية أعلاه ، فإنّه بمعنى الطرد عن رحمة الله ، وهو في مقابل الرحمة والصلوات التي وردت في الآية السابقة تماما.
إنّ اللعن والطرد عن رحمة الله سبحانه .. تلك الرحمة الواسعة التي لا تعرف الحدود ، يعدّ أسوأ أنواع العذاب ، خاصّة إذا كان هذا الطرد في الدنيا والآخرة كما هو في الآية مورد البحث ، ولعلّ ذكر مسألة اللعن قبل العذاب المهين لهذا السبب.
__________________
(١) صحيح البخاري ، الجزء ٥ ، صفحة ٢٦.
(٢) صحيح مسلم ، المجلّد ٤ ، صفحة ١٩٠٣ باب فضائل فاطمة.
(٣) تفسير مجمع البيان ذيل الآية مورد البحث.