رَحِيماً) (١).
وجاء في نفس الكتاب في شأن نزول الآية الثانية ، أنّها نزلت في قوم منافقين كانوا في المدينة يرجفون برسول الله صلىاللهعليهوآله إذا خرج في بعض غزواته يقولون قتل وأسر فيغتمّ المسلمون لذلك ويشكون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأنزل الله في ذلك : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ) ـ إلى قوله ـ (ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً) (٢) فبذلك هدّدت مختلقي الشايعات بشدّة.
التّفسير
تحذير شديد للمؤذين ومختلقي الإشاعات!
بعد النهي عن إيذاء رسول الله صلىاللهعليهوآله والمؤمنين الذي ورد في الآية السابقة ، أكّدت الآية هنا على أحد موارد الأذى ، ومن أجل الوقوف أمامه سلكت طريقين : فأمرت المؤمنات أوّلا أن لا يدعن في يد المفسدين والعابثين حجّة يتشبّثون بها في سبيل تحقيق أذاهم ، ثمّ هاجمت المنافقين ومختلقي الإشاعات وهدّدتهم بتهديد قلّ نظيره في آيات القرآن.
فتقول الآية في الجزء الأوّل : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ).
هناك رأيان لدى المفسّرين في المراد من «المعرفة» لا يتناقضان :
الأوّل : أنّه كان من المتعارف ذلك اليوم أن تخرج الجواري من المنازل مكشوفات الرأس والرقبة ، ولمّا لم يكن مقبولات من الناحية الأخلاقية ، فقد كان بعض الشباب المتهوّر يضايقوهنّ ، فأمرت المسلمات الحرائر أن يلتزمن الحجاب التامّ ليتميّزن عن الجواري ، وبالتالي لا يقدر أن يؤذيهنّ أولئك الشباب.
__________________
(١) تفسير القمّي ج ٢ ص ١٩٦.
(٢) المصدر السابق طبقا لنقل نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ٣٠٧.