(وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً).
فلاطفهما وأظهر المحبّة لهما في الحياة الدنيويّة والمعاشرة ، ولا تستسلم لأفكارهما واقتراحاتهما من الناحية العقائدية والبرامج الدينيّة ، وهذه بالضبط نقطة الاعتدال الأصليّة التي تجمع فيها حقوق الله والوالدين ، ولذا يضيف بعد ذلك (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَ) لأنّ المصير إليه سبحانه (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
إنّ سبب النفي والإثبات المتلاحق ، والأوامر والنواهي المتتابعة في الآيات أعلاه هو أن يجد المسلمون الخطّ الأصلي ويشخّصوه في مثل هذه المسائل ، حيث يبدو في أوّل الأمر أنّ هناك تناقضا في أداء هذين الواجبين ، فإن تفكّروا قليلا فإنّ المسير الصحيح سيكون نصب أعينهم ، وسيسيرون فيه دون أدنى إفراط ولا تفريط ، وهذه الدقّة واللطافة القرآنية في أمثال هذه الدقائق من صور فصاحة القرآن وبلاغته العميقة.
وعلى كلّ حال ، فإنّ الآية أعلاه تشبه ما جاء في الآية (٨) من سورة العنكبوت ، حيث تقول : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وقد أوردنا في ذيل الآية (٨) من سورة العنكبوت سبب نزول لها ذكر في بعض التفاسير.
بحثان
١ ـ من هو لقمان؟
لقد ورد اسم «لقمان» في آيتين من القرآن في هذه السورة ، ولا يوجد في القرآن دليل صريح على أنّه كان نبيّا أم لا ، كما أنّ أسلوب القرآن في شأن لقمان يوحي بأنّه لم يكن نبيّا ، لأنّه يلاحظ في القرآن أنّ الكلام في شأن الأنبياء عادة يدور حول الرسالة والدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك وانحرافات البيئة ، وعدم