لكي يستطيع عدد كبير من الأفراد الجلوس حوله وتناول الطعام منه. والاستفادة من الأواني الجماعية الكبيرة لتناول الطعام كانت موجودة إلى أزمنة ليست بالبعيدة. وفي الحقيقة فإنّ مائدتهم كانت تلك الأواني الكبيرة التي لا تشبه ما نستعمله هذه الأيّام من أوان صغيرة ومستقلّة.
«قدور» : جمع «قدر» على وزن «قشر». بنفس معناه الحالي ، أي الإناء الذي يطبخ فيه الطعام.
«راسيات» : جمع «راسية» بمعنى ثابتة ، والمقصود أنّ القدور كانت من العظمة بحيث لا يمكن تحريكها من مكانها.
وتعرج الآية في الختام وبعد ذكر هذه المواهب الإلهية ، إلى آل داود فتخاطبهم : (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ).
وبديهي أنّ (الشكر) الذي أشارت إليه الآية ، لو كان مقصودا به الشكر باللسان لما كانت هناك أدنى مشكلة ولمّا كان العاملون به قليلين ، ولكن المقصود هو (الشكر العملي). أي الاستفادة من تلك المواهب في طريق الأهداف التي خلقت لأجلها. والمسلّم به أنّ الذين يستفيدون من المواهب الإلهية في طريق الأهداف التي خلقت لأجلها هم الندرة النادرة.
قال بعض العلماء : إنّ للشكر ثلاثة مراحل : الشكر بالقلب ، بتصوّر النعمة والرضى والسرور بها. والشكر باللسان ، وبالحمد والثناء على المنعم. الشكر بسائر الأعضاء والجوارح ، وذلك بتطبيق الأعمال مع متطلّبات تلك النعمة.
«شكور» : صيغة مبالغة. يعبّر بها عن كثرة الشكر ودوامه بالقلب واللسان والأعضاء والجوارح.
وهذه الصفة تطلق أحيانا على الله سبحانه وتعالى ، كما ورد في الآية (١٧) من سورة التغابن : (اللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ). والمقصود به أنّ الله سبحانه وتعالى ، يشمل العباد المطيعين بعطاياه وألطافه ، ويشكرهم ، ويزيدهم من فضله أكثر ممّا