بحث
معايير التقييم :
من القضايا المهمّة في حياة الأفراد والمجتمعات هي قضيّة «معايير التقييم» و «نظام القيم» الذي يتحكّم بثقافة ذلك المجتمع. لأنّ كلّ الحركات الصادرة عن الأفراد والجماعات في حياتهم إنّما تنبع من هذا النظام وتهدف إلى خلق تلك القيم.
واشتباه قوم من الأقوام وامّة من الأمم في هذه القضيّة والتعامل بقيم خيالية لا أساس لها قد يؤدّي إلى طبع تأريخهم بطابع الغرور. وإدراك القيم الواقعية والمعايير الحقيقية يشكّل أساسا متينا لبناء سعادتهم.
عبيد الدنيا المغرورون يتصوّرون بأنّ القيم تنحصر فقط في المال والقدرة المادية والتعداد البشري ، وحتّى القيمة أمام الله ينظرون إليها من داخل هذا الإطار ، كما لاحظنا نموذجا من ذلك في الآيات السابقة ، وهناك نماذج كثيرة من هذا القبيل تلاحظ في القرآن الكريم ، منها:
١ ـ فرعون ، الطاغية المتجبّر ، الذي كان يقول لمن حوله بأنّه لا يصدق أنّ موسى عليهالسلام رسول من الله ، فإن كان حقّا ما يقول فلم لم يعطه الله سوارا من الذهب (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ). (١)
وحتّى انّه يرى عدمها دليل هي المهانة والدونية ، فيقول : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ). (٢)
٢ ـ مشركو عصر الرسالة المحمّدية ، تعجّبوا من نزول القرآن على رجل فقير كرسول الله صلىاللهعليهوآله وقالوا : (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ). (٣)
__________________
(١) الزخرف ، ٥٣.
(٢) الزخرف ، ٢٥.
(٣) الزخرف ، ٣١.