لامتناع غيره ، إذ المعنى : لو انقطع الغيث لهلكت الماشية ، وقولنا : لم يحصل قريب المعنى من قولنا انقطع وانتفى ، ومما يقرب هذا الحذف حذفهم الفعل بعد (لو لا) التي للتحضيض في نحو قوله : [الطويل]
٤٤ ـ [تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم |
|
بني ضوطرى] لو لا كميّ المقنّعا |
أليس قد أجمعوا على أن التقدير : لو لا تعدون ، فكذلك ثمّ ، انتهى.
التصغير يردّ الأشياء إلى أصولها
ولذلك تظهر التاء في المؤنّث الخالي منها إذا صغّر كقولك في قدر : قديرة وفي قوس قويسة وفي هند هنيدة.
التضمين
قال الزمخشري : من شأنهم أنه يضمّنون الفعل معنى فعل آخر فيجرونه مجراه ويستعملونه استعماله مع إرادة معنى المتضمّن. قال : والغرض في التضمين إعطاء مجموع معنيين وذلك أقوى من إعطاء معنى ، ألا ترى كيف رجع معنى : (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ) [الكهف : ٢٨] إلى قولك : ولا تقتحمهم عيناك مجاوزتين إلى غيرهم. (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) [النساء : ٢] أي : ولا تضمّوها إليها آكلين ، انتهى.
قال الشيخ سعد الدين التفتازاني في حاشية (الكشاف) : فإن قيل : الفعل المذكور إن كان مستعملا في معناه الحقيقي فلا دلالة على الفعل الآخر ، وإن كان في معنى الفعل الآخر فلا دلالة على معناه الحقيقي ، وإن كان فيهما جميعا لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز.
قلنا : هو في معناه الحقيقي مع حذف حال مأخوذ من الفعل الآخر بمعونة القرينة اللفظية ، فمعنى : يقلب كفيه على كذا ، نادما على كذا ، ولا بدّ من اعتبار
__________________
٤٤ ـ الشاهد لجرير في ديوانه (ص ٩٠٧) ، وتخليص الشواهد (ص ٤٣١) ، وخزانة الأدب (٣ / ٥٥) ، والخصائص (٢ / ٤٥) ، والدرر (٢ / ٢٤٠) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٧٢) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٦٦٩) ، وشرح المفصّل (٢ / ٣٨) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٤٧٥) ، وللفرزدق في الأزهيّة (ص ١٦٨) ، ولسان العرب (ضطر) ، ولجرير أو للأشهب بن رميلة في شرح المفصّل (٨ / ١٤٥) ، وبلا نسبة في الجنى الداني (ص ٦٠٦) ، وشرح ابن عقيل (ص ٦٠٠) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٣٢١).