قبل تضمّن هذه الأشياء معنى لام الأمر ، لأن أصل : (صه) اسم له وهو اسكت ، والأصل لتسكت كقراءة النبي عليه السّلام : (فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) [يونس : ٥٨].
وكذلك (مه) هو اسم اكفف ، والأصل لتكفف ، وكذلك (نزال) هو اسم انزل وأصله لتنزل ، فلما كان معنى اللام عابرا في هذا النسق وساريا في إيجابه ومقصور في جميع جهاته دخله البناء من حيث تضمن هذا المعنى ، كما دخل أين وكيف لتضمنها معنى حرف الاستفهام ، و (أمس) لتضمنه معنى حرف التعريف ومن لتضمنه معنى حرف الشرط وسوى ذلك ، فأما (أفّ) و (هيهات) وبابهما مما هو اسم للفعل في الخبر فمحمول في ذلك على أفعال الأمر ، وكان الموضوع في ذلك إنما هو (لصه) و (مه) و (رويد) ونحو ذلك. ثم حمل عليه باب (أف) و (شتان) و (وشكان) من حيث كان اسما سمّي به الفعل ، وإذا جاز لأحمد وهو اسم علم أن يشبه بـ (أركب) وهو فعل نكرة كان أن يشبه اسم سمّي به الفعل في الخبر باسم سمّي به الفعل في الأمر أولى ، ألا ترى أن كل واحد منهما اسم ، وأن المسمّى به أيضا فعل ، ومع هذا فقد تجد لفظ الأمر في معنى الخبر نحو قول الله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) [مريم : ٣٨] ، وقوله : (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) [مريم : ٧٥] أي : فليمدن ، ووقع أيضا لفظ الخبر في معنى الأمر نحو قوله تعالى : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها) [البقرة : ٢٢٣] ، وقولهم : (هذا الهلال) ، معناه انظر إليه ، ونظائره كثيرة ، فلما كان (أفّ) كـ (صه) في كونه اسما للفعل كما أن صه كذا ولم يكن بينهما إلا أن هذا اسم لفعل مأمور به وهذا اسم لفعل مخبر به ، وكان كل واحد من لفظ الخبر والأمر قد يقع موقع صاحبه ، صار كأن كل واحد منهما هو صاحبه ، فكان لا خلاف هناك في لفظ ولا معنى ، وما كان على بعض هذه القربى والشبكة ألحق بحكم ما حمل عليه ، فكيف بما ثبتت فيه ووفت عليه واطمأنت به ـ فاعرف ذلك.
ومما حذفت لامه وجعل الزائد عوضا منها : فرزدق وفريزيد وسفرجل وسفيريج ، وهو باب واسع ، فهذا طرف من القول على ما زيد من الحروف عوضا من حرف أصلي محذوف.
وأما الحرف الزائد عوضا من حرف زائد فكثير ، منه التاء في فرزانة وزنادقة وجحاجحة ألحقت عوضا من ياء المد في فرازين وزناديق وجحاجيح.
ومن ذلك ما لحقته ياء المدّ عوضا من حرف زائد حذف منه نحو قولهم في تكسير مدحرج وتحقيره دحيريج ودحاريج فالياء عوضا من ميمه ، وكذلك جحافيل