حتى جعلت عوضا منها فلا يجوز إظهارها ، لئلا يكون جمعا بين العوض والمعوّض منه.
التاسع والثلاثون : قال ابن عصفور في (شرح الجمل) : المنصوب على إضمار فعل تارة يجعل عوضا من الفعل المحذوف وتارة لا ، فإن لم يجعل عوضا منه جاز إضماره وإظهاره كقولك لمن تأهّب للحج : مكة ، أي : تريد ، ولمن سدّد سهما : القرطاس ، أي : أصبت ، وإن شئت أظهرته. وإن جعل عوضا منه لم يجز إظهاره لئلا يجمع بين العوض والمعوّض منه ، إلا أن جعل الاسم المنصوب عوضا من الفعل المحذوف لا يطرد ، وإنما جاء ذلك في مواضع تحفظ ولا يقاس عليها.
فمن ذلك قولهم : مرحبا ، وأهلا ، وسهلا ، وسعة ، ورحبا ، فإنما جعلت العرب هذه الأسماء عوضا من الأفعال لكثرة الاستعمال.
ومن ذلك : هنيئا مريئا ، وكرامة ومسرّة ، ونعمة عيش ، وسقيا ورعيا ، وسحقا وبعدا ، وتعسا ونكسا ، وبهرا ، وما أشبه ذلك من المصادر التي استعملت في الدعاء للإنسان أو عليه ، أو هي حاكية لذلك ، كلها منصوبة بإضمار فعل لا يظهر ، لأنها صارت عوضا من الفعل الناصب لها ، انتهى.
الأربعون : قال ابن الدهان في (الغرّة) : قال قوم : إنما امتنع دخول الجرّ في الفعل لأن الجزم في الفعل عوض من الجرّ في الاسم ، فيستحيل الجمع بين العوض والمعوّض منه.
الحادي والأربعون : قال ابن الصائغ في (تذكرته) : نقلت من مجموع بخطّ علي ابن عبد الصمد بن محمد بن الرّماح قال : الفرق بين حسن وجهه ، وعبد بطنه ، وواحد أمه ، حيث يبعد الأول لأن فيه جمعا بين العوض والمعوّض منه. إذ إثبات الهاء في وجهه يقتضي أن يكون الوجه فاعلا بالصفة دون الثاني ، لأنه لا يصحّ رفع البطن بعبد ، والأم بواحد ، ثم ينقل كما في حسن ، نحو : حسن أبوه ثم حسن الأب.
الثاني والأربعون : قال ابن القوّاس في (شرح الدرة) : قد عوّضوا عن الواو في القسم ثلاثة أحرف هاء التنبيه وألف الاستفهام وقطع همزة الوصل فجرّوا بها لنيابتها عنها ، بدليل امتناع الجمع بين هذه الأحرف وبينها.
تنبيه : الجمع بين العوضين
قال السخاوي في (تنوير الدياجي) : أبدلوا من ياء الإضافة تاء في نحو : يا أبت ويا أمت ، وأبدلوا منها ألفا فقالوا : يا أبا ، ويا أما ، فلها بدلان التاء والألف ثم جمعوا