بينهما فقالوا : يا أبتا ، ويا أمتا ، ولم يعدّوا ذلك جمعا بين العوض والمعوّض عنه لأنه جمع بين العوضين. وكذا ذكر ابن النحاس في (التعليقة) وقال : لا يكره الجمع بين العوضين كما يكره الجمع بين العوض والمعوّض منه.
تنبيه : عدم الجمع بين الإبدال من الحرف والتعويض
قال ابن جني في (كتاب التعاقب) : لا يجمع بين أن يبدل من الحرف ويعوّض منه ، هذا لم يأت في شيء من كلامهم.
تنبيه : لا بدّ في التعويض من فائدة
قال أبو حيان : قال بعض أصحابنا : في قول النحاة إن التاء في فرازنة) عوض من الياء نظر ، إذ يمكن أن تكون للجمع كما استقرّت في غير هذا الموضع ، وأمكن أنهم لم يجمعوا بينها وبين التاء ، لأن الاسم يطول بهما وهما غير واجبين في الكلمة ، وعند ما رأى النحاة أنها تعاقبها ، اعتقدوا فيها أنها للمعاوضة حتى نسبوا ذلك للعرب وجعلوا أنهم وضعوها على معنى المعاوضة ، والمعاوضة ليس معنى تعتبره العرب بحيث تجعل الهاء له بالقصد ، بل هذه عبارة تكون من النحويّ عند رؤية التعاقب في كلامهم ، وإن كان سيبويه قد جرى على مثل هذه الطريقة في الأعواض ، إلا أنه لا يقدح فيه معنى ، بل إنما ينبغي أن ينسب إلى العرب المعاوضة إذا كان للتعويض فائدة ، وأي فائدة في إسقاط حرف وزيادة آخر! ، انتهى.
قلت : هذا السؤال قد تعرّض له ابن جنّي وأجاب عنه فقال في (كتاب التعاقب) : فإن قلت فلعلّ الهاء في (زنادقة) و (جحاجحة) لتأنيث الجمع كهاء (ملائكة) و (صياقلة) فلا تكون عوضا ، قلنا : لم تأت الهاء لتأنيث الجمع في مثال (مفاعيل) ، إنما جاءت في مثال (مفاعلة) نحو : ملائكة ، انتهى.
قاعدة : العوض لا يحذف التغليب
ما كان عوضا لا يحذف ، فلا تحذف (ما) في : أمّا أنت منطلقا انطلقت ، ولا كلمة (لا) من قولهم : افعل هذا إمّا لا ، ولا (التاء) من عدة وإقامة واستقامة. فأما قوله تعالى : (وَإِقامَ الصَّلاةِ) [الأنبياء : ٧٣] و [النور : ٣٧] فمما يجب الوقوف عنده ، ومن هنا قال ابن مالك : إن العرب لم تقدر أحرف النداء عوضا من أدعو أو أنادي لإجازتهم حذفها. وقال الأبذيّ في (شرح الجزولية) : إن قال قائل : لم جاز دخول (يا) على هذا ولا تدخل على الألف واللام؟