ـ بسم الله الرحمن الرحيم ـ الكلام كلّه اسم وفعل وحرف ، فالاسم ما أنبأ عن المسمّى ، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمّى ، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل.
ثم قال لي : تتبعه وزد فيه ما وقع لك ، واعلم يا أبا الأسود : أن الأشياء ثلاثة : ظاهر ، ومضمر ، وشيء ليس بظاهر ولا مضمر ، وإنما تتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر.
قال أبو الأسود : فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه ، فكان من ذلك حروف النصب ، فذكرت منها إنّ وأنّ وليت ولعلّ وكأنّ ، ولم أذكر «لكنّ» فقال لي : لم تركتها؟ فقلت : لم أحسبها منها ، فقال : بل هي منها فزدها فيها» (١).
قال ابن عساكر في (تاريخه) : «كان أبو إسحاق إبراهيم بن عقيل النحويّ المعروف بابن المكبريّ يذكر أن عنده تعليقة أبي الأسود الدؤليّ التي ألقاها عليه الإمام عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وكان كثيرا ما يعد بها أصحاب الحديث إلى أن دفعها إلى الفقيه أبي العباس أحمد بن منصور المالكي وكتبها عنه وسمعها منه في سنة ستّ وستين وأربعمائة ، وإذا به قد ركّب عليها إسنادا لا حقيقة له ، وصورته : قال أبو إسحاق ، إبراهيم بن عقيل : حدّثني أبو طالب عبيد الله بن أحمد ابن نصر بن يعقوب بالبصرة ، حدّثني يحيى بن أبي بكير الكرماني ، حدّثني إسرائيل ، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه. قال : وحدّثني محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عياش ، عن عمّه عن عبيد الله بن أبي رافع ، أن أبا الأسود الدّؤليّ دخل على عليّ رضي الله عنه ، وذكر التعليقة ، فلما وقفت على ذلك بيّنت لأبي العباس أحمد بن منصور أن يحيى بن أبي بكير الكرماني مات سنة ثمان ومائتين ، فجعل إبراهيم بن عقيل هذا بين نفسه وبين يحيى بن أبي بكير رجلا واحدا ، وهذه التي سمّاها (التعليقة) هي في أول أمالي الزجاجي نحو من عشرة أسطر فجعلها إبراهيم قريبا من عشرة أوراق» (٢). انتهى.
__________________
(١) انظر أمالي الزجاجي (٢٣٨).
(٢) انظر تاريخ ابن عساكر (٢ / ٣٣٦) ، وتهذيب ابن عساكر (٢ / ٢٣٢) ، بتصرف.