أكتع وكتعاء وبقيته : إن هذا اتفاق وتوارد وقع في اللغة على غير ما كان في وزنه منها. قال : لأن باب أفعل وفعلاء إنما هو للصفات وجميعها يجيء على هذا الوضع نكرات ، نحو : أحمر وحمراء وأصفر وصفراء وأخرق وخرقاء ، فأما أجمع وجمعاء فاسمان معرفتان وليسا بصفتين ، وإنما ذلك اتفاق وقع بين هذه الكلم المؤكد بها. قال : ومثله ليلة طلقة وليال طوالق ، قال : وليس طوالق تكسير طلقة لأن فعلة لا يكسر على فواعل ، وإنما طوالق جمع طالقة وقعت موقع جمع طلقة ، وهذا الذي قاله وجه صحيح ، وأبين منه عندي وأوضح قولهم في العلم ، سلمان وسلمى ، فليس سلمان إذا من سلمى كسكران من سكرى لأن باب سكران وسكرى الصفة ، وليس سلمان ولا سلمى بصفتين ولا نكرتين ، وإنما سلمان من سلمى كقحطان من ليلى ، غير أنهما لما كانا من لفظ واحد تلاقيا في عرض اللغة من غير قصد لجمعهما ، وكذلك أيهم للجمل الهائج ويهماء للفلاة ، ليسا كأدهم ودهماء ، لأنهما لو كانا كذلك لوجب أن يأتي فيهما يهم كدهم ، ولم يسمع ، فعلم بذلك أن هذا تلاق من اللغة ، وأن أيهم لا مؤنث له ، ويهماء لا مذكر لها.
ومن التلاقي قولهم في العلم : أسلم وسلمى ، ومثله شتّان وشتى ، كل ذلك توارد وتلاق وقع في أثناء هذه اللغة من غير قصد له ولا مراسلة بين بعضه وبعض.
التمثيل للصناعة ليس ببناء معتمد
أشار ابن جنّي إلى دعوى الاتفاق على هذه القاعدة ، وترجم عليها : باب احتمال اللفظ الثقيل لضرورة التمثيل.
قال (١) : وذلك كقولهم : وزن حبنطى : فعنلى ، فيظهرون النون الساكنة قبل اللام ، وهذا شيء ليس موجودا في شيء من كلامهم ، ألا ترى أن سيبويه قال (٢) : ليس في الكلام مثل قنر وعنل. ويقولون في تمثيل عرند : فعنل ، وجحنفل فعنلل ، وعرنقصان : فعنللان ، وهو كالأول ولا بدّ في هذا ونحوه من الإظهار ، ولا يجوز إدغام النون في اللام في هذه الأماكن لأنه لو فعل ذلك لفسد الغرض وبطل المراد المعتمد ، ألا ترى أنك لو أدغمت وقلت وزن عرند فعلّ لم يكن فرق بينه وبين قمد وعتلّ وصمل ، ولو قلت : وزن جحنفل : فعلل لالتبس بباب سفرجل وفرزدق وبباب عدبّس وهملّع ، ولو قلت في حبنطى : فعلّى لالتبس بباب صلخدى وجلعبى.
__________________
(١) انظر الخصائص (٣ / ٩٦).
(٢) انظر الكتاب (٤ / ٥٩٠).