والثاني : أن فائدة الجمل في أحكامها وهي نكرات ، ولو فرض تعريف الحكم في بعض الصور لكان نكرة في المعنى لاستحالة الحكم بالمعلوم على المعلوم ، وإنما يحكم على المعلوم بما يجهله السامع فيحصل بذلك فائدة ، وإذا كان الحكم نكرة وهو مقصود الجملة كان مطابقا لموصوفه في التنكير.
الجوار
عقد له ابن جنّي بابا في (الخصائص) (١) ولخّصه ابن هشام في (المغني) بزيادة ونقص فقال (٢) : (القاعدة الثانية) : إن الشيء يعطى حكم الشيء إذا جاوره كقول بعضهم : (هذا جحر ضبّ خرب) بالجرّ وقوله : [الطويل]
٩٤ ـ [كان ثبيرا في عرانين وبله] |
|
كبير أناس في بجاد مزمّل |
قال ابن هشام : وقيل في (وَأَرْجُلَكُمْ) [المائدة : ٦] بالخفض إنه عطف على أيديكم لا على رؤوسكم ، إذ الأرجل مغسولة لا ممسوحة ، ولكنه خفض لمجاورة رؤوسكم. والذي عليه المحققون أن خفض الجوار يكون في النعت قليلا ، وفي التوكيد نادرا كقوله : [البسيط]
٩٥ ـ يا صاح بلّغ ذوي الزّوجات كلّهم |
|
[أن ليس وصل إذا انحلّت عرا الذّنب] |
ولا يكون في النسق ؛ لأن العاطف يمنع التجاور. قال : ومن ذلك قولهم : هنأني ومرأني ، والأصل أمرأني ، وقولهم : هو رجس نجس ، بكسر النون وسكون الجيم والأصل نجس بفتح النون وكسر الجيم.
قال (٥) ابن هشام : كذا قالوا ، وإنما يتمّ هذا أن لو كانوا لا يقولون هنا نجس بفتحة فكسرة ، وحينئذ فيكون محلّ الاستشهاد إنما هو الالتزام للتناسب ، وأما إذا لم
__________________
(١) انظر الخصائص (٣ / ٢١٨).
(٢) انظر مغني اللبيب (٢ / ٧٦٠).
٩٤ ـ الشاهد لامرئ القيس في ديوانه (ص ٢٥) ، وتذكرة النحاة (ص ٣٠٨) ، وخزانة الأدب (٥ / ٩٨) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨٨٣) ، ولسان العرب (عقق) ، و (زمل) ، و (خزم) ، و (أبل) ، ومغني اللبيب (٢ / ٥١٥) ، وتاج العروس (خزم) ، وبلا نسبة في المحتسب (٢ / ١٣٥).
٩٥ ـ الشاهد لأبي الغريب النصري في خزانة الأدب (٥ / ٩٠) ، والدرر (٥ / ٦٠) ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة (ص ٥٣٧) ، وشرح شواهد المغني (ص ٩٦٢) ، وشرح شذور الذهب (ص ٤٢٨) ، ولسان العرب (زوج) ، ومغني اللبيب (ص ٦٨٣) ، وهمع الهوامع (٢ / ٥٥).
(٣) انظر مغني اللبيب (٢ / ٧٦٢).