يلتزم فهذا جائز بدون تقدّم رجس ، إذ يقال : فعل بكسرة فسكون في كل فعل بفتحة فكسرة نحو : كتف ولبن ونبق. وقالوا : أخذه ما قدم وما حدث ، بضمّ دال حدث ، وقرأ بعضهم : (سَلاسِلَ وَأَغْلالاً) [الإنسان : ٤] بصرف سلاسل ، وفي الحديث : «ارجعن مأزورات غير مأجورات» (١) والأصل موزورات بالواو ، لأنه من الوزر ، وقرأ أبو حيوة (يُوقِنُونَ) [البقرة : ٤] بالهمزة ، وقال جرير : [الوافر]
٩٦ ـ لحبّ المؤقدان إليّ مؤسى |
|
[وجعدة إذ أضاءهما الوقود] |
بهمزة المؤقدان ومؤسى على إعطاء الواو المجاورة للضمة حكم الواو المضمومة فهمزة ، كما قيل في : وجوه أجوه وفي : وقتت أقتت ، ومن ذلك قولهم في : صوّم صيم وفي جوّع جيع ، حملا على قولهم في عصوّ عصيّ لأن العين لما جاورت اللام حملت على حكمها في القلب.
وكان أبو علي ينشد في مثل ذلك : [الرجز]
٩٧ ـ قد يؤخذ الجار بجرم الجار
قال (٤) ابن جني : وعليه أيضا أجازوا النقل لحركة الإعراب إلى ما قبلها في الوقف نحو : هذا بكر ومررت ببكر ، ألا تراها لما جاورت اللام بكونها في العين صارت لذلك كأنها في اللام لم تفارقها ، وكذلك أيضا قولهم : شابة ودابة صار فضل الاعتماد بالمدّ في الألف كأنه تحريك الحرف الأول المدغم حتى كأنه لذلك لم يجمع بين ساكنين ، فهذا نحو من الحكم على جوار الحركة للحرف.
قال : ومن الجوار استقباح الخليل العقق من الحمق المخترق ، وذلك أن هذه الحركات قبل الرويّ المقيّد لما جاورته وكان الرويّ في أكثر الأمر وغالب العرف مطلقا لا مقيدا صارت الحركة قبله كأنها فيه ، وكاد يلحق ذلك بقبح الإقواء ، وقال ابن جنّي في قوله (٥) : [الرجز]
__________________
(١) أخرجه ابن ماجه في سننه ـ الجنائز (٥٠) ، والسيوطي في الجامع الصغير (١ / ٦٢).
٩٦ ـ الشاهد لجرير في ديوانه (ص ٢٨٨) ، والخصائص (٢ / ١٧٥) ، وشرح شواهد الشافية (ص ٤٢٩) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٩٦٢) ، والمحتسب (١ / ٤٧) ، وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب (١ / ٧٩) ، وشرح شافية ابن الحاجب (ص ٢٠٦) ، ومغني اللبيب (٢ / ٦٨٤) ، والمقرّب (٢ / ١٦٣) ، والممتع في التصريف (١ / ٩١).
٩٧ ـ الرجز منسوب لأعرابي في الخصائص (٢ / ١٧١) ، وهو بلا نسبة في لسان العرب (حتر) ، وتاج العروس (حتر) ، وكتاب العين (٣ / ١٩٠).
(٢) انظر الخصائص (٢ / ٢٢٠).
(٣) مرّ الشاهد رقم (١٨).