وقال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في (التعليقة على المقرب) : اختلف النحاة هل يطلق أحدهما على الآخر فيقال مثلا للمعرب : مضموم وللمبنيّ : مرفوع أم لا ، على ثلاثة مذاهب : فمنهم من قال : لا يجوز إطلاق واحد منهما على الآخر ، لأن المراد الفرق وذلك يعدمه ، ومنهم من قال : يجوز مجازا ، والمجاز لا بدّ له من قرينة وتلك القرينة تبيّنه ، ومنهم من قال : يجوز إطلاق أسماء البناء على الإعراب ولا ينعكس.
الفائدة السادسة : حركات الإعراب والبناء أيهما أصل
قال أبو البقاء العكبري في (اللباب) : اختلفوا في حركات الإعراب هل هي أصل لحركات البناء أم بالعكس ، أم كل واحد منهما أصل في موضعه؟ فذهب قوم إلى الأول ، وعلّته أن حركات البناء ، وما ثبت بعلة أصل لغيره ، وذهب قوم إلى الثاني وعلته : أن حركات البناء لازمة وحركات الإعراب منتقلة واللازم أصل للمتزلزل ، إذ كان أقوى منه ، وهذا ضعيف لأن تنقل حركات الإعراب لمعنى ولزوم حركات البناء لغير معنى. وذهب قوم إلى الثالث ، لأن العرب تكلمت بالإعراب والبناء في أول وضع الكلام ، وكل منهما له علة غير علة الآخر ، ولا معنى لبناء أحدهما على الآخر.
وعبّر في (التبيين) عن هذا الخلاف بقوله (١) : اختلفوا في حركات الإعراب هل هي سابقة على حركات البناء أو بالعكس ، أو هما متطابقان من غير ترتيب ، قال : والأقوى هو الأول.
الفائدة السابعة : أثقل الحركات الضمة ثم الكسرة ثم الفتحة
قال رجل للخليل : لا أجد بين الحركات فرقا ، فقال له الخليل : ما أقلّ من يميّز أفعاله ، أخبرني بأخفّ الأفعال عليك ، فقال : لا أدري ، قال : أخفّ الأفعال عليك السمع لأنك لا تحتاج فيه إلى استعمال جارحة إنما تسمعه من الصوت وأنت تتكلف في إخراج الضمة إلى تحريك الشفتين مع إخراج الصوت ، وفي تحريك الفتحة إلى تحريك وسط الفم مع إخراج الصوت ، فما عمل فيه عضوان أثقل مما عمل فيه عضو واحد. هكذا نقله الزجاجي في (كتاب الإيضاح) في أسرار النحو.
وقال ابن جنّي : أرى الدليل على خفّة الفتحة أنهم يفرّون إليها من الضمة كما يفرّون من السكون.
__________________
(١) انظر مسائل خلافية في النحو (١١٨).