ونحو مما نحن عليه حكاية الكتاب : هذا سيفني (١) يريد سيف ، من أمره كذا فلما أراد الوصل أثبت التنوين ، ولما كان ساكنا صحيحا لم يجز الصوت به كسر ، ثم أشبع فأنشأ عنها ياء فقال : سيفني ، وإن كان الموقوف عليه عند التذكر ساكنا معتلا غير تابع لما قبله وهو الياء والواو الساكنتان بعد الفتح ، نحو : أي وكي ولو وأو كسر ، نحو : قمت كي ، أي كي تقوم ، ومن كان من لغته أن يفتح أو يضم لالتقاء الساكنين نحو : (قُمِ اللَّيْلَ) [المزمل : ٢] فقياس قوله أن يفتح ويضم عند التذكر ، ونحو : قما وبعا وسرا.
وعن قطرب أن من العرب من يقول : شم يا رجل ، فإن تذكرت على هذه اللغة مطلت الضمة واوا فقلت شمّوا.
ومن العرب من يقرأ : (اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ) [البقرة : ١٦] بالضم ، ومنهم من يكسر ، ومنهم من يفتح ، فإن مطلت مستذكرا قلت على من ضمّ : اشترووا وعلى من كسر : اشتروي ، وعلى من فتح : اشتروا. وروينا عن محمد بن محمد عن أحمد بن موسى عن محمد بن الجهم عن يحيى بن زياد قول الشاعر : [الكامل]
١١٥ ـ فهم بطانتهم وهم وزراؤهم |
|
وهم القضاة ومنهم الحكام |
فإن وقفت على (هم) من قوله : وهم القضاة ، قلت : وهمي ، وكذا الوقف على منهم الحكام : منهمي ، وإن وقفت على (هم) من قوله : وزراؤهم ، قلت : وهمو لأنك كأنك رأيته فعل الشاعر ، وإن شئت عكست حملا للثاني على الأول ، وللأول على الثاني ، لأنك إذا فعلت ذلك لم تعد أن حملت على نظيره.
وكلما جاز شيء من ذلك عند وقفة التذكر ، جاز في القافية البتة على ما تقدم وعليه تقول : عجبت منا ، أي : من القوم على من فتح النون ، ومن كسرها فقال : من القوم ، قال : مني.
التاسعة : إنابة الحركة والحرف
في إنابة الحركة عن الحرف والحرف عن الحركة ، قال ابن جنّي : الأولى أن تحذف الحرف وتقرّ الحركة قبله نائبة عنه ودليلا عليه كقوله (٣) : [الرجز]
كفّاك كف ما تليق درهما |
|
جودا وأخرى تعط بالسّيف الدّما |
__________________
(١) انظر الكتاب (٤ / ٣٣٨).
١١٥ ـ الشاهد بلا نسبة في الخصائص (٣ / ١٣٢) ، وسرّ صناعة الإعراب (٢ / ٥٥٨) ، وشرح المفصّل (٣ / ١٣٢) ، والمحتسب (١ / ٤٥). (٢) مرّ الشاهد رقم (١٣).