وصارت المعاملة مع الصفة والموصوف كالصدر له ، ولذلك لا يجوز السكوت على الأول ، وكذلك النصب ، تقول : رأيت زيد بن عمرو ، فتفتح الدال إتباعا لفتحة النون ، وتقول في الجرّ : مررت بزيد بن عمرو ، فتكسر الدال إتباعا لكسرة النون من ابن. وقد ذهب بعضهم إلى أن التنوين إنما سقط لالتقاء الساكنين : سكونه وسكون الباء بعده وهو فاسد ، إنما هو لكثرة استعمال ابن.
تنبيه
قال ابن جنّي في (المحتسب) (١) في قراءة (الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الفاتحة : ١] ، بالإتباع : «هذا اللّفظ كثر في كلامهم وشاع استعماله ، وهم لما كثر في استعمالهم أشدّ تغييرا كما جاء عنهم كذلك : لم يك ، ولم أدر ، ولم أبل ، وأيش تقول ، وجايجي ، وسا يسو بحذف همزتيهما ، فلما اطّرد هذا ونحوه لكثرة استعماله أتبعوا أحد الصوتين الآخر وشبهوهما بالجزء الواحد فصارت (الحمد لله) كعنق وطنب ، و (الحمد لله) كإبل وإطل ، إلّا أن (الحمد لله) بضمّ الحرفين أسهل من (الحمد لله) بكسرهما من موضعين : أحدهما : أنه إذا كان إتباعا فأقيس الإتباع أن يكون الثاني تابعا للأول ، وذلك أنه جار مجرى السبب والمسبب. وينبغي أن يكون السبب أسبق رتبة من المسبّب ، فتكون ضمّة اللّام تابعة لضمة الدال ، كما تقول : مدّ وشدّ وشمّ وفرّ ، فتتبع الثاني الأول فهذا أقيس من إتباعك الأول للثاني في نحو : أقتل ، اخرج. والآخر أن ضمّة الدال في (الحمد لله) إعراب وكسرة اللام في (لله) بناء ، وحركة الإعراب أقوى من حركة البناء ، والأولى أن يغلب الأقوى على الأضعف لا عكسه ، ومثل هذا في إتباع الإعراب البناء قوله : [الطويل]
٣ ـ وقال : اضرب السّاقين إمّك هابل
كسر الميم لكسرة الهمزة ، انتهى».
وفي (الكشاف) (٣) قرأ أبو جعفر (لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا) [البقرة : ٣٤] بضمّ التاء للإتباع ولا يجوز استهلاك الحركة الإعرابية بحركة الإتباع إلّا في لغة ضعيفة كقولهم (الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الفاتحة : ١].
__________________
(١) انظر المحتسب (١ / ٣٧) ، بتصرّف.
٣ ـ الشاهد بلا نسبة في الكتاب (٤ / ٢٥٩) ، والخصائص (٢ / ١٤٥) ، وشرح شافية ابن الحاجب (٢ / ٧٩) ، وشرح شواهد الشافية (١٧٩) ، ولسان العرب (أمم) ، والمحتسب (١ / ٣٨).
(٢) انظر الكشاف (١ / ٩٥).