وقالوا : امرأة عدوّة فألحقوا فيها تاء التأنيث ، وحكم فعول إذا كانت صفة للمؤنث وكان في معنى فاعل أن لا تدخله تاء التأنيث ، وقالوا : امرأة صبور وناقة رغوت ، لأنهم أجروا عدوّة مجرى صديقة وهي ضدها ، فكما أدخلوا التاء في صديقة أدخلوها في عدوة ، وقالوا : الغدايا والعشايا فجمع غدوة وغداة على فعالى ، وحكمه أن يقال فيه : غداة وغدوات وغدوة وغدوات ، لأنهم حملوها على العشايا وهي في مقابلتها ، لأن الغداة أول النهار ، كما أن العشية آخره.
حمل الأصول على الفروع
لا يضاف ضارب إلى فاعله : قال (١) ابن جنّي : قال أبو عثمان : لا يضاف ضارب إلى فاعله لأنك لا تضيفه إليه مضمرا فكذلك لا تضيفه إليه مظهرا ، قال : وجازت إضافة المضمر إلى الفاعل لما جازت إضافته إليه مظهرا.
قال ابن جنّي : كأن أبا عثمان إنما اعتبر في هذا المضمر فقدمه وحمل عليه المظهر من قبل أن المضمر أقوى حكما في باب الإضافة من المظهر ، وذلك أن المضمر أشبه بما تحذفه الإضافة وهو التنوين من المظهر ، ولذلك لا يجتمعان في نحو : ضاربانك وقاتلونه. من حيث كان المضمر بلفظه وقوة اتصاله مشابها للتنوين بلفظه وقوة اتصاله ، وليس كذلك المظهر لقوته وقوة صورته ألا تراك تثبت معه التنوين فتنصبه نحو ضاربان زيدا ، فلما كان المضمر مما يقوى معه مراعاة الإضافة حمل المظهر ـ وإن كان هو الأصل ـ عليه.
استواء النصب والجرّ في المظهر : ومن ذلك قولهم : إنما استوى النصب والجرّ في المظهر في نحو : رأيت الزيدين لاستوائهما في المضمر نحو : رأيتك ومررت بك ، وإنما كان هذا الموضع للمضمر حتى حمل عليه حكم المظهر من حيث كان المضمر عاريا من الإعراب ، وإذا عرّي منه جاز أن يأتي منصوبه بلفظ مجروره ، وليس كذلك المظهر لأن باب الإظهار أن يكون مرسوما بالإعراب ، فلذلك حملوا الظاهر على المضمر في التثنية ، وإن كان المظهر هو الأصل ، إذا تأملت ذلك علمت أنك في الحقيقة إنما حملت فرعا على أصل لا أصلا على فرع ، ألا ترى أن المضمر أصل في عدم الإعراب فحملت المظهر عليه لأنه فرع في البناء ، كما حملت المظهر على المضمر في باب الإضافة من حيث كان المضمر هو الأصل في مشابهته للتنوين ،
__________________
(١) انظر الخصائص (٢ / ٣٥٥).