الثالث : أن تلك الألفاظ وضعت للدلالة عليه وكان تقديمها مرشدا إلى ما وضع له ، بخلاف هذه فإنه ليس لها ألفاظ غير لفظها ، ولو كان لها ألفاظ غير لفظها لأدّى إلى التسلسل وهو محال.
مسألة : القول في دخول اللام على خبر إن
قال ابن هشام في (تذكرته) : زعم بدر الدين بن مالك أن اللام لا تدخل على خبر إن إذا تقدم معموله عليه فلا تقول : إن زيدا طعامك لآكل ، وكأنه رأى أنّ اللام لا يتقدم معمول ما بعدها عليها لأن لها الصدر والحكم فاسد ، والتعليل كذلك على تقدير أن يكون رآه. أما فساد الحكم فلأن السماع جاء بخلافه قال تعالى : (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ) [الروم : ٨] وقال الشاعر : [الطويل]
١٨٥ ـ [أقيموا بني أمّي صدور مطيّكم] |
|
فإنّي إلى قوم سواكم لأميل |
وأما فساد التعليل فلأن هذه اللام مقدمة من تأخير ، فهي إنما تحمي ما هو في حيزها الأصلي أن يتقدم عليها ، لا ما هو في حيزها الآن ، وإلا لم يصح : أن زيدا قائم ، ولا إن في الدار لزيدا ، ألا ترى أن العامل في خبر (إن) هو (إن) عند البصريين والعامل في اسمها هي بإجماع النحاة ، فلو كانت اللام تمنع العمل لمنعت (إن).
__________________
١٨٥ ـ الشاهد للشنفرى في ديوانه (٥٨) ، وخزانة الأدب (٣ / ٣٤٠) ، والمقاصد النحوية (٢ / ١١٧) ، وتاج العروس (قوم) ، ونوادر القالي (ص ٢٠٣).